IMLebanon

السيّد لا يريد دولة لبنانية

بعد مرور أكثر من 21 شهراً على شغور موقع رئاسة الجمهورية يأتي السيّد حسن نصرالله ليقول «ليش مستعجلين»؟ فعلاً، هو محق: «ليش مستعجلين»؟ إذ إنّه أمر طبيعي وعادي جداً ألاّ يكون هناك رئيس للجمهورية… الموضوع غير مهم!

ما هذا يا سماحة السيّد! لم نكن ننتظر منك أن تكون نظرتك الى موقع رئيس الجمهورية بهذه النظرة التي أقل ما يُقال فيها إنّك لا تريد أن يكون في لبنان دولة، لأنك تريد دولة ولاية الفقيه… ولا مانع من دولة الفقيه… ولكن إذا كنت تفضّل دولة ولاية الفقيه بكل بساطة اذهب الى إيران وعش هناك حيث تتحقق أمنيتك.

لبنان دولة لكل اللبنانيين وليس لطائفة معيّنة… وأحب أن ألفت نظرك الى أنّ أكثر ما يحرج العدو الاسرائيلي هو الدولة اللبنانية التي هي نموذج للتعايش بين الطوائف، وهذا يلغي «مبرر» وجود إسرائيل، فإذا كنت تريد أن تحارب إسرائيل فعليك أن تبدأ من هنا، أي أن تكون أنت وسلاحك ضمن الدولة اللبنانية الواحدة الموحّدة التي يعيش فيها جنباً الى جنب المسلم والمسيحي في أجمل تركيبة طائفية، واللبنانيون يفتخرون بهذه التركيبة… وللعلم فإنّ الكثير من اللبنانيين بحال تزاوج مسلم مسيحي.

هناك حديث أنّ 8 آذار ربحت المعركة وأصبح مرشحاها للرئاسة هما وحدهما المقبولين للرئاسة، لا بل وقع الاتفاق عليهما.

فإذا كان هذا يعتبر ربحاً فإننا نراه أنّه كشف عن أن جماعة 8 آذار لا يريدون رئيساً للجمهورية، لأنّ القرار الايراني بالسماح بانتخاب رئيس لم يأتِ بعد، خصوصاً أنّ إيران لا تزال تنتظر ماذا سيحدث في سوريا، وأنها خائفة من خسارة سوريا لأنّ ذلك سيخسرها لبنان وسيسقط مشروع الهلال الشيعي.

الربح والخسارة هما ربح للوطن وخسارة للوطن، فإذا كان جماعة 14 آذار ضحوا بحقهم بترشيح أي مرشح منهم فإنّ ذلك سببه يعود الى أنهم مستعدون للتضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل الوطن، الربح هو ربح للوطن والخسارة هي خسارة للوطن.

الرئيس سعد الحريري عندما اجتمع مع الجنرال ميشال عون في منزله في باريس كان من أجل ألاّ يكون هناك شغور في موقع الرئاسة ولكن عون لم يستطع أن يحقق إجماعاً مسيحياً حوله، وعندما تبيّـن للرئيس الحريري أنّ هناك استحالة للجنرال عون ذهب الى القرار الأصعب… ذهب الى حليف الرئيس السوري بشار الأسد، فقط لأنه لا يريد أن يبقى موقع رئاسة الجمهورية شاغراً.

وهكذا فعل الدكتور سمير جعجع فإنه تخلى عن رصيده في 14 آذار ومعه 47 صوتاً نيابياً، وذهب ليؤيّد الجنرال عون ولكن ضمن الوصايا العشر، وهنا لا بد من التركيز على الوصايا العشر…

على كل حال، ما دام فريق 8 آذار هو الرابح وأصبح عنده مرشحان لرئاسة الجمهورية فلماذا لا ينزل الى المجلس النيابي وينتخب أياً منهما؟ هذا سؤال طبيعي وشرعي ونسمح لأنفسنا بالإجابة عليه: بكل بساطة أن جماعة 8 آذار لا يريدون دولة، لا يريدون رئيساً للجمهورية يسألهم ماذا يفعلون في سوريا، وماذا عن سلاحهم وإلى متى سيبقى سلاح المقاومة خارج الدولة اللبنانية؟ هذا أولاً، ولكن الأهم أنّ الذي يموّل «حزب الله» وينفق عليه رواتب وسلاحاً منذ عام 1982 ولغاية اليوم بأكثر من 70 مليار دولار لا يريد أن يكون في لبنان رئيس قبل الانتهاء من سوريا.

عوني الكعكي