لحدّ هون وبس. لم يعد من الجائز والمفيد السكوت عن هذه المهازل، والألاعيب، والحرتقات التي تحوّلت كوارث ومآسي اجتاحت لبنان من الناقورة إلى النهر الكبير. ضربت الاقتصاد. دمّرت انتاج البرّ والبحر. فرّغت المؤسّسات الرسميّة، وأقفلت المؤسّسات الخاصّة. وبلغت أضرارها ومخاطرها لقمة العيش وحبّة الدواء.
إلى أين تأخذون هذا البلد، وماذا تريدون أكثر مما صار وحدث وحصل وجرى حتى الآن؟
لا بدّ من وقفة عزّ في هذه اللحظة الحرجة، ولا بدّ من مسؤول، من زعيم، من مرجع، من قائد، من سياسي كبير، يقف في ساحة النجمة، في ساحة السرايا، في ساحة قصر بعبدا المهجور، ويخاطب اللبنانيّين من قلبه وربّه، كاشفاً الغطاء عن “أبطال” هذه المسرحيّات الخبيثة، وهذه الألاعيب التي أطاحت الوطن الرسالة، الوطن النموذج، الوطن الذي ينام على مؤامرة من داخل ليصحو على مؤامرة من خارج.
والخارج والداخل في هذا الميدان توحّدا، ووحّدا جهودهما في سبيل تخريب لبنان، وتسييبه، وتحويله غابة بلا سياج ولا حرّاس…
ثمة مَنْ يريد الأذى لهذا اللبنان، عبر الفراغ الرئاسي وتعطيل أعمال الحكومة وإلغاء مجلس الوزراء، وتغييب مجلس النواب.
بل يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، والإصغاء إلى ما يقوله الرئيس تمام سلام، وما يهدّد بكشفه وإعلانه على الملأ، وخصوصاً بالنسبة إلى مهزلة النفايات والمتلاعبين بملفّها و”تفاصيلها الأخرى” التي تشكّل بيت القصيد، فضلاً عن احتمال التوقّف عن دفع الرواتب، مما يقرّب الوضع برمّته من مأزق كبير قد تكون نتائجه أخطر من أي انفجار آخر.
فالرئيس سلام أعلن صراحة “انني سأفضح العرقلة السياسيّة للمطامر ومَنْ يقف خلفها، وسأصارح اللبنانيّين بكل شاردة وواردة”.
هذا هو الكلام المطلوب، هذه هي الهديّة الفعّالة التي ينتظرها اللبنانيّون الذين ملّوا، وسئموا، وقرفوا من كل هؤلاء المتعنطزين، المتزنطرين، المزايدين، البائعين، والشارين، والمفرقعين، والذين يتلذّذون بإرسال التهديدات والتهويلات إلى اللبنانيّين، بالجملة والمفرّق.
بصراحة تامة يعلن سلام “أن أهم موضوع يواجهنا اليوم هو ملف النفايات، الذي ما زال موضع تجاذب بين القوى السياسيّة”. هنا بيت القصيد: التجاذب، والقوى، و”عسل المطامر”.
والقوى غير مهتمّة بالأمر، ولسان حالها “بطيخ يكسّر بعضو”.
لكن سلام ناطرهم على الكوع. فإذا لم يغيّروا مواقفهم “فسوف أضطر إلى تسمية الأشياء بأسمائها”.
سمّها يا دولة الرئيس، وبق البحصة، واكشف الغطاء عنهم، من أجل لبنان الذي تُحبّ ونُحبّ.