هل من يتصور ان انتخاب رئيس الجمهورية سيتم في الثامن من شهر شباط، او ان الدوامة السمجة ستستمر من غير حاجة الى ان الرئاسة الاولى ستشهد الرئيس العتيد، طاما ان ثمة اتفاقا قد تم على مرشحين اثنين الى الان هما رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي قال كلاما كبيرا في مواجهة الجنرال اوحى للجميع ان الرئاسة اصبحت من حقه قياسا على «البوانتاج» الذي اجراه الزعيم الزغرتاوي ومن وصفهم بانهم من مؤيديه وهؤلاء في حدود 70 في المئة من الناخبين الجديين (…)
لقد كان في وسع عون الاتكال على دعم حلفائه في القوات اللبنانية وحزب الوطنيين الاحرار وتيار المستقبل لو لم يرفض الانسياق وراء ترشيح تيار المستقبل برئاسة الرئيس سعد الحريري، لكنه زايد على الاخير وكأنه يزايد على نفسه عندما اعتبر ان حزب الله يكفيه في دعمه للرئاسة، من غير حاجة الى استعداد الحزب للنزول الى جلسة الانتخاب التي صدر عنها ما يفهم منه ان حزب الله معه ولكن الامور تحتاج الى جوجلة من شأنها تحديد من بوسعه ان ينتخب عون الى جانب الحزب، لاسيما ان الصوت القواتي قد جاء ليحجب عن عون صوت من ليس بوسعه ان يكون الى جانب القوات مهما اختفلت الاعتبارات!
من هنا يفهم الحلف المتأخر بين التيار الوطني الحر وبين حزب القوات على اساس سلة متكاملة من التفاهمات على امور تتجاوز ما هو مرغوب فيه ازاء الرئاسة الاولى.
وقد يكون المقصود هنا ان دخول القوات على خط عون حرمه تأييد حزب الله في المطلق، فيما تقول اوساط مقربة من حزب الله ان الامور تحتاج الى اعادة نظر في العلاقة بين القوات اللبنانية وبين الحزب. كي لا يقال لاحقا ان الامور قد سارت باتجاه ما هو غير مرغوب به سياسيا، بحسب ما صدر من كلام عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي اسهب في شرح ما يطالب به من دون ان يتناسى الضرورات السياسية التي تباعد بين الحزب والقوات اللبنانية؟!
واذا كان لا بد من رفع العتب بين العماد عون وحليفه حزب الله، فانه مطالب بتجنب رفع العتب بينه وبين خصمه اللدود السابق الدكتور سمير جعجع الذي تحول بين ليلة وضحاها الى حليف «حتى العظم» بعكس ما يدعيه من لم يعجبه تفاهم عون – جعجع، خصوصا ان الامور السياسية بينهما محصورة بالانتخابات الرئاسية حتى اشعار اخر، وهذا الاشعار لديه حساباته الخاصة عند بعض من لم يقنعه تفاهم الجنرال مع القوات مقابل ما هو مكرس في العرف السياسي من تباين بين القوات وحزب الله!
من حيث المبدأ لا بد من القول ان كلام السيد نصر الله وضع النقاط على الحروف لاسيما ان ابتعاد سماحته عن تسمية الاشياء بأسمائها كان القصد منه افهام من عليه ان يستوعب ما هو ابعد من الكلام، كي لا تتطور الامور بالاتجاه السلبي في حال لم يفهم من نصر الله ما قصده من كل عبارة اتى على ذكرها، لانه سبق ان تعهد بدعم عون ولا مجال بعد ذلك لان يرجع عما اعلنه صراحة (…)
والذين مع حزب الله يرون في كلام الامين العام للحزب نهاية المطاف السياس طالما انه ملتزم بكل حرف جاء فيه، وهو عندما تعهد بتأييد عون لم يكن يقصد سواه، الا في حال تراجع الجنرال عن ترشيح نفسه، لان الاقرب الى الحزب هو النائب فرنجية وهذا الشرط واضح وصريح ويعني بالضرورة ان عون مستمر في ترشيح نفسه، فضلا عن عدم وجود استعداد لديه ولدى جماعته بأن يتراجع عن مشروعه بالنسبة لوصوله الى بعبدا (…)
قيل كلام كثير عن كلام نصر الله وسيقال اكثر في حال تأخر عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية حيث النفوس السياسية معبأة بالاتجاه الذي لا يخدم العماد عون قياسا على تقديرات من يفهم في عملية «عض الاصابع» المشهود بها للرئيس نبيه بري الذي له حسابات مغايرة عن حسابات حزب الله، خصوصا انه يتطلع الى البقاء في سدة رئاسة مجلس النواب، حتى وان كان هناك من يستبعد وجود مرشح شيعي مؤهل لان يرثه، مع العلم ايضا ان ليس بوسع احد استبعاد وجود «خلطة سياسية» قد تطرأ في مستقبل ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الذي يعني للجميع تغييرا جذريا في كل شيء؟!