بدأت أروقة الخارجية الروسية الاستعداد لجولة لقاءات مع أطراف الأزمة السورية، في محاولة لتقريب وجهات النظر، في ظلّ ارتفاع وتيرة الحديث عن عقد جولة مفاوضات جديدة في جنيف مطلع السنة المقبلة.
وفق دوائر الخارجية الروسية، تنصبّ الجهود الدولية راهناً على تحضير المناخات اللازمة لعقد جولة مفاوضات جديدة في جنيف. وفي سياق الاستعدادات، يزور وزير الخارجية السوري وليد المعلم موسكو في 26 الجاري، حيث سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف.
لا شك في أنّ المعلم يأتي الى موسكو هذه المرة، وفي جعبته ملفات مهمة لطرحها على طاولات الخارجية الروسية، وأهمّها ملف الحرب على «داعش»، التي أعلنتها الولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها على امتداد العالم، خصوصاً أنّ التوقعات تشير الى أنّ محاربة الارهاب في سوريا ستتصدر جدول أعمال «جنيف 3»، في اعتبار أنّ الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية كافة، تُجمع على خطورة هذه الظاهرة وتُحذّر من تمدّدها.
من جهتها، كانت موسكو ولا تزال دعامة أساسية للأنظمة في الشرق الأوسط ضدّ الارهاب، وقد اختارت منذ البداية سياسة عدم التدخل المباشر واكتفت بالدعم العسكري والمعلوماتي، ولكن في ظلّ الاجواء المشحونة على مسرح السياسة الدولية بين واشنطن وموسكو وبروكسل، يبرز السؤال عن قدرة موسكو في إقناع شركائها الدوليّين بجدوى الضغط على طرفَي النزاع لتقديم تنازلات لتحقيق تسوية سياسية للأزمة السورية؟
لا تستبعد أوساط الخارجية الروسية عقد جولة مفاوضات جديدة بداية السنة المقبلة في جنيف، وترى أنّ هذه الجولة قد تكون فرصة مهمّة وخطوة أولى على طريق الحل السياسي للأزمة، خصوصاً أنّ جميع الأطراف قد بات على يقين باستحالة الحسم الميداني من أيّ طرف كان، وهذا ما عبّر عنه الائتلاف السوري المعارض للمرة الاولى علناً، كذلك فإنّ الداعمين الغربيين للائتلاف قد ادركوا سقوط الرهان على الحسم الميداني.
ولكنّ الاوساط تشير إلى بعض الأطراف الإقليمية الذي يحاول جرّ التحالف الدولي الى توسيع معركته ضدّ الارهاب لتشتمل النظام السوري، لكنّ دوائر الاستخبارات الغربية قد حذرت في تقاريرها الاخيرة من مغبة سقوط النظام في هذا التوقيت بالذات، لأنّ ذلك سيؤدي حتماً الى زيادة قدرة التنظيمات المتطرّفة في الاستيلاء على مناطق أوسع في البلاد، خصوصاً أنّ المسؤولين الغربيين قرّروا عدم التدخل ميدانياً، ما يعني أنّ ضرب النظام السوري سيفتح الباب أمام الإرهابيين للحصول على مخازن الاسلحة، وبالتالي فإنهم سيتمكنون من بسط سيطرتهم على أجزاء كبيرة من الاراضي السورية، وسيعزّزون وجودهم في دول الجوار خصوصاً في لبنان.
وعن إمكان زيارة وفد الائتلاف السوري المعارض الى موسكو عشية انعقاد مؤتمر جنيف، تؤكد الاوساط انّ الأبواب مفتوحة امام مختلف الأطراف السورية للمساعدة على تعزيز فرص الحلول السياسية.
وتعرب عن املها في أن يدرك الغرب أنّ المواجهة الدولية التي يحاول فرضها على روسيا من خلال الازمتين السورية والأوكرانية لن تأتي بنتائج إيجابية، لا بل ستزيد من تعقيدات الازمتين على الارض. وتؤكد الاوساط أنّ موسكو منفتحة على الحوار مع الغرب ولكن على أساسٍ متوازن ومتساوٍ في شأن كلّ القضايا الدولية.