ايام معدودة ويتبلور مشهد الحوار غير المباشر الذي انطلق منذ مدة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في ضوء الجواب الذي سيتم نقله من معراب الى الرابية في الساعات المقبلة والرد عليه الذي لن يستغرق ايضا مدة طويلة. وتقول اوساط نيابية مطلعة على ما تحقق حتى الساعة من مناقشات، ان المناخ لا يزال ايجابيا مئة بالمئة في ظل استقرار النوايا والارادة لدي طرفي هذا الحوار على وجوب النهوض بالعلاقات الثنائية الى مستوى متقدم من التنسيق المتبادل على كل المستويات السياسية والحزبية والقانونية.
وكشفت الاوساط النيابية والتي تقف على مسافة واحدة من طرفي الحوار الجاري، ان بكركي، كذلك الشارع المسيحي عموما، تعلق آمالا كبيرة على التوافق ما بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، كما انها لا ترى وجوب ان يتخطي الطرفان كل التجارب السلبية السابقة وان لا يركزا الا على نقاط التقاطع والتقارب فيما بينهما لتحقيق تقدم ملموس في العلاقات الثنائية، اولا من خلال الاتفاق على مسلمات وردت في ورقة اعلان النيات التي سيتم تبادلها هذا الاسبوع وللتمكن من تحقيق خرق في جدار الاستحقاق الرئاسي المعطل ثانيا عبر البحث عن صيغة توافق، ولمواجهة التحديات المصيرية التي يتعرض لها الدور السياسي المسيحي في المنطقة انطلاقا من عملية تهميشه في لبنان عبر الفراغ الرئاسي ثالثا.
واذا كانت رئاسة الجمهورية كما الجمهورية بندا اساسيا في الحوار المباشر المرتقب بين معراب والرابية، فان الاوساط النيابية ركزت على ان الخلاف حول الرئاسة، لا يجب ان يحول دون الاحاطة وبشكل وثيق بالوضع المسيحي الداخلي وخصوصاً بعد تنامي الحديث عن سيناريو معد منذ العام 2000 لتهجير مسيحيي الشرق ابتداء من العراق بعد الاحتلال الاميركي، مرورا بموجات التهجير الممنهج في سوريا والتي آخرها تهجير الاشوريين من الحسكة على يد تنظيم «داعش» الارهابي. وأضافت في هذا المجال ان بكركي كما الفتيكان وفق الاجواء الاخيرة المنقولة عن دوائره، يباركان الحوار المسيحي – المسيحي كونه مفتاح الحلول لكل الازمات التي تحيط بالواقع الرئاسي المأزوم والذي تسمح تسويته بالدخول الى وضع التصور العام لمعالجة التهديد الذي يطال الوجود المسيحي بشكل عام في منطقة الشرق الاوسط.
واعتبرت الاوساط نفسها ان تفعيل الدور المسيحي يبدأ من خلال المؤسسات واستحقاق رئاسة الجمهورية المعطل وذلك بصرف النظر عن الاسباب التي استدعت معارضة اي جهة مسيحية للانتخابات الرئاسية ومقاطعتها، مشيرة الى ان الهدف الآني يقتصر فقط على الحفاظ على الدور السياسي في النظام اللبناني الذي يعتبر النظام الوحيد في المنطقة الذي يفسح المجال امام مشاركة المسيحيين في الحكم والسلطة عبر موقع رئاسة الجمهورية اولا وصولا الى باقي مراكز ومواقع المسؤولية الرسمية الاخرى ثانيا. وأضافت ان الفرصة المتاحة من خلال التقارب القواتي – العوني، تشكل مساحة لتحقيق توافق مسيحي داخلي من جهة ومسيحي – اسلامي من جهة اخرى، لمقاربة كل العوائق التي تحول دون تسوية الملف الرئاسي بعيدا عن العوامل الخارجية الاقليمية والدولية، مع العلم ان هذه العوامل تحضر بقوة اليوم في الحياة السياسية الداخلية وتفرض اجندة خاصة لا تراعي المصلحة العامة للبنانيين عموما وللمسيحيين خصوصا، وهي التي لا تزال تؤخر انتخاب رئيس للجمهورية على الرغم من تطمينات وزير الخارجية الاميركي جون كيري، بحصول هذا الانتخاب في الشهرين المقبلين.