Site icon IMLebanon

التمديد لصاحب السماحة المفتي دريان قانوني أم غير قانوني؟  

 

 

لا شك ان صاحب السماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، هو رجل صالح وتقيّ… ولكن سبحان الله لا أحد في هذه الدنيا كاملاً.

 

لن ندخل في أخطاء سماحته، لأننا لا نعتبر أنفسنا أصحاب حق في محاسبة أحد… فالموضوع إذا كان موجوداً لا سمح الله متروك للمجلس الشرعي.

 

وللعلم فإنّ مجلس النواب اللبناني شرّع بالمرسوم رقم 18، ان يكون المجلس الشرعي هو صاحب القرار بما يتعلق بشؤون الطائفة، وهو الذي يأخذ القرارات المناسبة لما فيها مصلحة وخير الطائفة السنّية الكريمة.

 

قبل أن نبحث بموضوع التمديد لصاحب السماحة لا بد من العودة الى التساؤل عن سبب تعيين جلسة للمجلس حدّدت منذ 3 أيام، وفي اليوم الثاني تمّ التراجع عن قرار دعوة المجلس السابق للانعقاد من أجل التوقيع على بعض المراسيم.

 

الحدث المفاجئ هو أنه تم اتصال بمعالي الدكتور الوزير عمر مسقاوي الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس الشرعي الذي رفض حضور جلسة التمديد لسماحة المفتي. فعادوا واتصلوا به ثانية ليبلغوه أنّ الجلسة قد ألغيت.

 

أما بالنسبة لمعالي الوزير عمر مسقاوي… فإنّ هذا الرجل هو من أهم الرجالات الذين مرّوا في الحكم، ومن الذين يتمتعون بصدقية مميزة.. إذ انه عنوان للأخلاق والشرف والاستقامة والصدق والعِلم. ويكفي انه عندما عُيّـن وزيراً للدولة لشؤون النقل كان أحرص وزير مرّ في تلك الوزارة من دون أن يستغل منصبه لأنه استفاد مما جرى لأحد الضباط السابقين حين عيّـن وزيراً إكراماً لمعلمه الرئيس سعد الحريري والذي كان أوّل الخائنين… هذا الضابط استغل موقعه كي يبني منتجعاً على البحر على أراضي الغير، وأصبح يملك منتجعاً يبلغ ثمنه ملايين الدولارات، ولكنه سجله باسم عائلة زوجته «الأشراف».

 

بالمناسبة، الذي يعرف مناقبية معاليه يعرف انه يستحق لقب أشرف الناس.

 

ويتساءل المتابعون عن سبب عدم نشر قرار التمديد لسماحة المفتي في الجريدة الرسمية، كذلك رفع سن التقاعد لمفتيي المناطق… ويُقال إنّ اجتماع التمديد جاء بتخريجة غير قانونية لكنه تحوّل الى أمر واقع.

 

ويشير هؤلاء أيضاً الى أنّ جلسة التمديد تخللتها نقاشات «حامية»… ما دفع معظم أعضاء المجلس الشرعي، وبعد تأخير نتيجة هذه النقاشات، الى مغادرة الجلسة من دون التوقيع على قرار التمديد، خصوصاً أنّ تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 1955/18 حدّد مدّة ولاية المفتي ببلوغه الثانية والسبعين.

 

عدم التوقيع هذا «حشر» مؤيّدي التمديد، فحاولوا استدعاء أعضاء المجلس الشرعي فرداً فرداً علّهم يقنعون هؤلاء بالتوقيع «المتأخر».

 

هذا من جهة «المؤيدين»… أما من جهة معارضي التمديد لدريان فإنهم يدرسون بدقّة وعناية الثغرات القانونية التي رافقت الجلسة التي وُصفت قراراتها بأنها غير قانونية أبداً. فهل يحق للمجلس الشرعي تعديل بهذا الحجم في غياب رئيس الحكومة الحالي ورؤساء الحكومات السابقين؟

 

هذا من جهة قانونية التمديد… خصوصاً أنّ المدّة المتبقية للمفتي هي حتى 4 نيسان 2025 ولماذا تسرّعوا؟

 

مشكلة أخرى برزت في نيابة رئاسة المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى… هذا المركز كان من حصّة مدينة طرابلس عُرْفاً، حتى يمكن القول إنّ العُرْفَ تحوّل مع مرور الزمن الى قانون غير مكتوب.

 

فاستبعاد الوزير «الآدمي» عمر مسقاوي، ورفض الأخير الاعتراف بالتمديد وقانونيته، واستبعاد الوزير السابق سمير الجسر الذي يُعَدّ من فقهاء رجال القانون من التعيينات التي أصدرها سماحة المفتي رغم الاتفاق الـمُسبق على اسمه…

 

هذا الاختلاف سببه أنّ سماحة المفتي -كما قيل- يريد أن يُعيّـن رئيس المحكمة الشرعية السنّية العليا الشيخ محمد عسّاف نائباً للرئيس لقربه من المفتي، ما أثار غضب وحفيظة الطرابلسيين، واعتبروا هذه الخطوة «إن تمّت» إهانة موجهة ضدّهم، وعملاً مقصوداً لإبعاد الشخصيات الطرابلسية، وما عزّز موقف المعارضين أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رفض القبول بتعيين بيروتي وَخَرْق العُرْف المتّبع منذ ستينات القرن الماضي بإعطاء منصب نائب الرئيس لعاصمة الشمال.

 

قد يكون الحل بتعيين مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام نائباً للرئيس..

 

ويتساءل المراقبون: لماذا قرّر عسّاف إحالة القاضي الشرعي الشيخ عبدالعزيز الشافعي الى التأديب بعد انتقاد الشافعي ممارسات المحكمة الشرعية من خلال دراسة قانونية شرح فيها المخالفات.

 

هذا الأمر يقودنا الى لبّ المشكلة: هل كان التمديد لسماحة المفتي قانونياً أم أنه غير قانوني؟ فإذا ثبت عدم قانونية التمديد، لم تعد قضية نائب الرئيس قائمة، فإذا بطل الأصل بطل الفرع أيضاً.