كما كان متوقعاً، وبعد مرور 3 اشهر فان قرار “المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى” بتعديل مدة ولاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في 9 ايلول الماضي حتى بلوغه سن السادسة والسبعين ، ومدة ولاية مفتي المناطق حتى الثانية والسبعين، قابله تقدّم المحامي حسّان منيمنة يوم الجمعة الماضي، بوكالته عن القاضيين الشرعيين عبد العزيز الشافعي وهمام الشعار والشيخ جميل عيتاني، بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة لإبطال قرار “المجلس”.
وتكشف الاوساط ان المفتي دريان لم يطلب اي تعديل لولايته، ولم يتدخل في الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، وهذا مثبت في المحاضر والمجالس، وحتى الطاعنين انفسهم يعرفون ذلك، وكل المشايخ والمقربين من دار الفتوى يعترفون بأن “زهد” المفتي في المناصب “سر قوته واحترامه من الجميع”.
وتوضح الاوساط نفسها ان قرار المجلس ليس تمديداً للولاية، بل تعديل مدة ولايته وهو يقع من ضمن نطاق المادة التاسعة من المرسوم الإشتراعي رقم 18 وتعديلاته، والتي كانت في الأساس تنص على انتهاء ولاية المفتي عندما يبلغ من العمر 72 عامًا، وعدّلت بحيث تكون نهاية ولاية المفتي عندما يبلغ 76 عاماً. وهذا التعديل استفاد منه مفتو المناطق، ليرتفع عمر تقاعدهم من 70 الى 72 عاماً، وبالتالي القرار ليس “مفصلاً” على قياس المفتي، بل استفاد منه مفتون آخرون.
وعن الطعن بتمديد عمر ولاية دريان امام “الشورى”، فترى الاوساط انها “خطوة شكلية واعتراضية”. وتلفت الى ان الطاعنين لهم سابقات اخرى في عهد المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني. وتشير الاوساط الى ان لا قيمة قانونية ودستورية للطعن، سواء اكان امام هيئة قضائية كمجلس شورى الدولة او غيره، والاخير سلطة لا صلاحية لها بالنظر في قرارات الشرعي الاعلى ، والتي تعتبر نافذة بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية، وهي محصنة من الطعن لانها سلطة مستقلة.
في المقابل، ترى اوساط سنية واسعة الإطلاع ان خطوة التمديد للمفتي دريان كانت “سياسية اكثر منها تقنية واجرائية”، وهي تمت بموافقة وتوافق وبدفع ودعم من السعودية ومصر، عرابي الاتفاق على دريان وانتخابه اساساً، وتغطية من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، السلطة السياسية المسؤولة عن دار الفتوى دستورياً (مجلس الوزراء تتبع لها دار الفتوى تنظيمياً)، وهو نشر مرسوم التمديد في الجريدة الرسمية، كما تمت بموافقة كل القوى السنية الاخرى بمن فيهم الرئيس سعد الحريري، لذلك لن يكون هناك افق امام الطعن لعدم تبنيه سياسياً من احد!
وعلى مقلب الطاعنين، تؤكد اوساط معنية بالطعن ان الخطوة اعتراضية ومبدئية، ورفض لـ”السطو السياسي” على مؤسسات دار الفتوى ومقام مفتيها وتعليبها وتأطيرها في اشخاص ونهج محدد. وتقول ان خطوة الطعن على قلة “ناصريها” مبدئية، ورفض لمنطق التمديد والالتفاف على القانون، طالما ان القانون يسمح بالانتخابات وهو واضح في نصوصه وبنوده.
وتلفت الاوساط الى ان على الجميع انتظار قرار مجلس “الشورى”، وعدم التهويل عليه والتأثير في قراره، وتسأل: هل بات الاحتكام الى القضاء نقيصة هذه الايام؟ وتشير الى انها خطوة ليست موجهة الى شخص المفتي، وهي تستند الى جملة مخالفات قام بها المجلس الشرعي وهي:
– عدم اكتمال النصاب القانوني.
– مخالفة الأصول الإجرائيّة الجوهرية في إصدار القرارات عن اللجنة التشريعية”.
– مخالفة المادة 17 من النظام الداخلي لـ “المجلس الشرعي”، والتي حدّدت الدورات التشريعية للمجلس الشرعي.
– مخالفة الأصول الإجرائية الجوهريّة في طرح المسائل الطارئة من خارج جدول الأعمال.
– تجاوز حد السلطة بمصادرة حق الهيئة الناخبة من ممارسة حقوقها المكرسة في القانون.
– عدم بيان التعليل والغاية والمصلحة المتوخاة من هذا التعديل وكونه يخدم المصلحة العامّة.