قد يكون المفتي الجوزو من أجرأ وأعمق المفتين الذين مرّوا في تاريخ لبنان…
فهو منذ اللحظة الأولى، لا يهادن ولا يستكين. فهو حاسم وحازم، يؤكد بشكل أسبوعي على مواقفه وبخاصة ضد حملة السلاح غير الشرعي… وهو يعتبر أنّ لا خلاص للبنان ما دام السلاح غير الشرعي موجوداً.
من هنا كان موقفه من توجيه أصابع الاتهام الى حزب الله في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ اللحظة الأولى التي تمّت فيها عملية الاغتيال.
ومن يعرف المفتي محمد علي الجوزو يعرف مدى جرأته وصراحته… فهو متحدّث صادق وبارع، ومحاور شجاع، لا يتهرّب من الإجابة على أي سؤال يوجّه إليه.
الزميل وليد عبود استضاف سماحة المفتي الجوزو في برنامجه التلفزيوني «بدنا الحقيقة»، الذي يُبَث عبر صوت بيروت انترناشونال وبيروت سيتي، فطرح على سماحته أسئلة تتطلب صدقاً وجرأة وشجاعة… فماذا قال سماحته ردّاً على أسئلة الزميل عبود:
وضع الزميل وليد عبود صوَر رؤساء الحكومات السابقين: فؤاد السنيورة وسعدالدين الحريري ونجيب ميقاتي وحسان دياب، وسأل سماحته: مَنْ من هؤلاء ساهم أكثر في ضرب السنّة؟
أجاب سماحته: الرئيس فؤاد السنيورة تناسى ما فعله معه الرئيس الشهيد رفيق الحريري… فراح يخادع ويريد الوصول بأيّ وسيلة فاتبع بذلك وسائل دنيئة لا يجوز لإنسان وفيّ أن يقوم بها. لقد كان السنيورة صديقاً لي… لكن اكتشفت بأنه «ثعلب» لم يحفظ الجميل أبداً. أما سعدالدين الحريري فهو ابن أعظم رجل في تاريخ لبنان… لكنه أخطأ حين وثق بسمير جعجع.. فسمير جعجع يرقص على رؤوس الثعابين، لأنه يعرفهم تماماً.
وحين سُئل سماحته عن السعودية لأنها قرّبت سمير جعجع.. أجاب: كل الناس يعرفون تاريخ جعجع الإجرامي… فهو الذي خطّط واغتال الشهيد رشيد كرامي… فتاريخه ليس نظيفاً وغير نقي، إنه مُشْبَعٌ بالإجرام.
وعن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. أجاب بصراحته المعروفة: لقد اغتاله بشار الأسد عبر حزب الله الذي قام بالتنفيذ..
وعن سؤاله عن ميشال عون.. أجاب: ميشال عون ليس نظيفاً ولا نقيّاً. إنه عمل لحساباته الخاصة ولمصلحة صهره جبران باسيل…
هنا سأل الزميل وليد عبود: يقول بيتر جرمانوس كلاماً قاسياً عن جبران باسيل.. فما رأيك؟
أجاب سماحته بالجرأة نفسها والصدق نفسه:
جبران باسيل عارٌ على جميع اللبنانيين… إنه تاجر… وكان تاجراً فاسداً صار ثريّاً فجمع ثروة كبيرة.. لقد استغلّ الشعب اللبناني ولعب على أوتار الطائفية… وتاجر بالكنيسة والمسيحيين. من هنا أقول إنّه عارٌ على الجميع.
وسأل عبود:
هل تعتقد أنّ بشار الأسد انتصر؟ فقاطعه سماحة المفتي: انتصر… أين انتصر؟ فقال عبود: لقد عاد الى جامعة الدول العربية مزهوّاً بأفعاله…
أجاب سماحته:
أولاً: بشار ليس عربياً… إنه إيراني… ولم أكن في يوم من الأيام مطمئناً إليه… إنه رجل إرهابي قتل شعبه وشرّده خارج سوريا وباع بلاده…
قال عبود: لكنّ إيران دولة إسلامية…
أجاب سماحته: أبداً… من قال هذا الكلام؟ إنّها دولة «ولي الفقيه». لقد وُجدت إيران لتكون رأس حربة في محاربة الوحدة الاسلامية.. فتآمرت على جيرانها تنفيذاً لمآربها الخاصة… وراحت تتدخل في شؤون الدول الاسلامية والعربية الأخرى، بهدف تمزيقها وتفتيتها والقضاء على أي أمل في إعادة الوحدة بين هذه الدول… لقد تدخلت في اليمن… وتدخلت في العراق وتدخلت في سوريا وتدخلت في لبنان عبر ميليشياتها التي أنشأتها بهدف تنفيذ مآربها.. حتى ان إيران وصلت الى فلسطين المحتلة، فدعمت «حماس» بغية تفرقة الصف الفلسطيني… بينما راحت تنادي بتحرير فلسطين والقدس، وهي في الواقع تعمل ضد هذا الهدف. فأعود لأقول: إنّ إيران هي أكبر متآمر على الوحدة الاسلامية.
وعن موقف السعودية ممّا يجري في لبنان قال: المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال تعرف التاريخ الأسود لسمير جعجع، قائد «القوات اللبنانية»… لذا وجدنا أنها فضّلت التعامل مع جعجع، رغم معرفتها بتاريخه، على غيره من الشخصيات… حتى بات مقرّباً إليها أكثر من أي شخص آخر في لبنان.
ونستطيع القول -ونحن نلقي الضوء على هذا اللقاء بين سماحة المفتي محمد علي الجوزو وبين وليد عبود- إنّ سماحته كان باختصار -جريئاً وواضحاً وحازماً في مواقفه التي أكد ثباته عليها… كما أشرنا في البداية… فكانت هذه المواقف واضحة وصريحة وهي تلخّص بما يلي:
– رفيق الحريري أعظم رجل في تاريخ لبنان.
– فؤاد السنيورة ثعلب ومخادع ناكر للمعروف.
– سمير جعجع يرقص على رؤوس الثعابين لأنه مُلِمّ بها، عارف بما يرضيها وكيف يتعامل معها.
– ميشال عون عدو الموارنة الأوّل، وأكثر الناس تآمراً على المسيحيين تنفيذاً لرغبته في الحصول على مكاسب شخصية لا صلة لها بالمسيحيين.. فكان وبالاً عليهم.. تسبّب في إهدار حقوقهم وتهجير «الأدمغة» منهم.
– أمّا جبران باسيل فكان المستفيد الأكبر من عهد عمّه، وكان الصهر المدلّل الذي ركب الموجة، فحصد منها ما أراد للوصول الى أهدافه.
حديث المفتي الجوزو، لخّص مواقف بعض الأشخاص ممّن سُئِل عنهم… فأعطى «كل واحد حقّه» من الصفات ضمن صراحة ووضوح، نفتقر إليها، في مثل هذه الظروف التي يمرّ بها اللبنانيون، التوّاقون الى الحرّية والتخلّص من نار جهنم، التي كوتهم طيلة سنوات ست من الانهيار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الأخلاقي… حتى كدنا نيأس من القيامة بعد عهد جهنم…. ذلك العهد الذي سُمّي بـ»القوي».