الخطاب الذي وجهه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان وعايد من خلاله المسلمين، أثار ردود فعل سلبيّة من حيث التوقيت ومن حيث المضمون، وجعلنا نترحّم على المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وكم نحن بحاجة الى حكمته ودرايته في مثل هذه الأيام الصعبة، لا إلى تصريحات عنترية، لا تليق بالمقام ولا بالمناسبة، ولا بتركيبة لبنان… يا شيخ أحمد: إسرائيل منذ قرار التقسيم عام 1948، تريد وتتمنى إقامة دولة يهودية، وترفض أن تكون في دولة واحدة مع الفلسطينيين، وعقدة «إسرائيل» كانت ولا تزال منذ نشأتها هو التعايش بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، وكيف أنّ هناك 18 طائفة يعيشون معاً ضمن وطن واحد وحكومة واحدة ويعملون يداً بيد…
يا شيخ أحمد… هل تعلم أنّ الحرب الأهلية التي بدأت في العام 1973 والتي استمرت حتى بزوغ فجر «الطائف» كلفت لبنان مائة ألف قتيل… فهل تظن أنّ أي تعديل في «الطائف» اليوم يمرّ هكذا بسهولة، المطلوب اليوم من رجال الدين يا صاحب الفضيلة جمع وتوحيد القلوب والأهداف لا تفرقتها، وليست المشكلة اليوم هي مشكلة عدد، بل هي مشكلة مبادئ التعايش…
مرة أخيرة نقول إنّ أمثال الشيخ أحمد موجودون في المجتمع يدلون بتصريحات شعبوية من دون الإنتباه الى التخريب الذي قد يأتي نتيجة مثل هذه المواقف.
إضافة الى ما قلناه اليوم، لا يسعنا إلاّ التوقف أمام عدد من التصريحات عند الطائفة المسيحية، حيث بدت العنتريات يومذاك واضحة، وكم أثارت من ردود فعل سلبيّة، وكادت تودي بالتآلف والمحبة بين اللبنانيين.
يا شيخ أحمد… صيغة الاستقلال ووثيقة 1943، كانت إعجازاً من عباقرة، فهموا كيفية توحيد اللبنانيين، وكم كان بشارة الخوري ورياض الصلح واعيين حين صاغا الميثاق الوطني الذي عاش اللبنانيون بعده بروح التآخي والإئتلاف.
وأخيراً… يا شيخ أحمد… تمهّل قليلاً، وفكّر كثيراً فالوصول الى مركز الإفتاء لا يقوم على مثل هذه الوقفات اللامسؤولة، والتي لا تخلّف وراءها إلاّ التناحر والبغضاء والتهوّر.