IMLebanon

الصيغة الفذة  

 

أغلب الظن أن المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان لم يكن يحسب للتداعيات التي ستترتب على خطبة العيد التي أعلن فيها “نهاية الصيغة” التي قامت بين الرئيسَين التاريخييَن الشيخ بشارة خليل الخوري ورياض بك الصلح.

 

ولعله من باب المصادفة أن يتزامن هذا القول – المطلب مع دعوات صريحة أو خجولة تصدر عن غير طرف حول شعاراتٍ يكفي كلٌ منها ليثير ردود فعل شديدة، وينقسم اللبنانيون حولها انقساماً عمودياً حاداً، وأبرزها الفيدرالية التي يقول بها البعض ضمناً أو علناً.

 

واللافت أنه قد فات سماحته أن الصيغة ليست نظام حكم، فهي تصلح لمختلف الأنظمة، وهي تستند إلى المعادلة الأساس: “لا للشرق ولا للغرب”. وقد صيغت لمعالجة جوٍ انقساميٍ كبير كان بين الفريق المسيحي الذي يميل إلى فرنسا (الغرب) والفريق المسلم الذي كان يقول بأن لبنان جزء من سوريا (الشرق). وقد توافق الزعيمان الكبيران على أن لبنان لبنانيٌ وحسب، يلتزم قضايا الأمة العربية وينتمي لذاته.

 

والخروج على الصيغة يفتح أبواب جهنم على طروحاتٍ غريبة عجيبة، فيوقظ خلافاتٍ تجاوزها اللبنانيون، في الدستور، وأيضاً في تعديلاته بعد اتفاق الطائف فأكدوا على انتماء لبنان العربي مع إصرارهم على استقلاليته اللبنانية التي لا جدال حولها.

 

وفي تقديرنا أنه لا بد من الأخذ بمضامين الطائف وتنفيذها وفي طليعتها اعتماد اللامركزية الإدارية ومباشرة وضع مجلس الشيوخ موضع التنفيذ. وإلا فإن هكذا طرحاً، بل طروحات، ستظل مرشحةً لأن تطُل بمناسبة وبغير مناسبة.

 

ولقد يكون مفيداً إنعاش الذاكرة الوطنية بأن “الصيغة” التي قال سماحة المفتي الجعفري الممتاز بنهايتها هي التي جعلت من لبنان بلداً فريداً من حيث الدور والأهمية والحضور والفاعلية في منطقته يوم كان الالتزام بها حقيقياً، ما أدى إلى ازدهار لا مثيل له حتى إزاء البلدان التي كانت ولا تزال تملك ثرواتٍ هائلة في باطن أرضها وتعداد شعوبها…

 

إن الخروج على الصيغة هو دليل تبرّم باتفاقٍ وطنيٍ تاريخيّ أنجزه زعيمان تاريخيان، استطاعا أن يجمعا حولهما الأكثرية الساحقة من القيادات والأطياف اللبنانية. وبالتالي فإنه سيكون مدخلاً إلى نزاعات (وربما حروب) لا نهاية لها.

 

وللبحث صلة.