Site icon IMLebanon

كلام المفتي قبلان يؤشر إلى تصعيد سياسي في الأسابيع المقبلة

 

ما زالت مواقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان تقلق المراجع السياسية ولبنان بشكل ‏عام، نظراً لدقتها وخطورتها، ولا سيما أنها جاءت في ظروف استثنائية على كافة المستويات ‏السياسية والاقتصادية والمعيشية، حيث البلد يجتاز مرحلة بالغة الخطورة، فكيف الحال إذا تعرض ‏دستور البلد وصيغة التعايش بين أبنائه للاهتزاز.

 

هذه المخاوف عبّرت عنها في مجالسها ‏مرجعيات روحية وسياسية، حيث أبدوا تخوفهم مما أُعلن في خطبة ‏قبلان، وهذا ما سيؤدي لاحقاً إلى ارتفاع التصعيد السياسي ويُبقي البلد يدور في هذه الخانة، بينما ‏المعلومات تؤكد أنّه حتى الآن ليس هناك من أي تقدم أو إيجابيات على صعيد التفاوض بين ‏الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، بحيث هناك شروط سياسية واقتصادية ومالية واضحة، ‏وفي المقابل تجري تحت الطاولة عرقلة لأي حوار أو تفاوض مع الصندوق، لأنّ هناك من يعتقد ‏أنّ ذلك سيؤدي إلى عزله أو أخذ لبنان إلى محاور غربية، وفي المحصلة فإنّ الطروحات الأخيرة ‏حول الدستور وصيغة التعايش التي نعاها المفتي الجعفري الممتاز، أي صيغة بشارة الخوري ‏ورياض الصلح، فكل هذه العناوين ستثقل كاهل الساحة الداخلية وتدفع بالبلد نحو المزيد من ‏الانقسام، والمخاوف أن يتخطى ذلك إلى صدامات سياسية ومذهبية وطائفية، ما يعيدنا إلى ظروف ‏سابقة شهد خلالها لبنان حروباً على هذه الخلفيات، وإن كانت كل الاطراف لا تريد العودة إلى هذا ‏الماضي، في وقت أن الجيش اللبناني يمسك بالأمن وله قدرات على حماية السلم الأهلي بشكل ‏حاسم وحازم.

 

من هذا المنطلق، فإن عودة طروحات المراحل الماضية، من التقسيم والفدرالية إلى تغيير الطائف ‏لاحقاً أو إنهاء هذه الصيغة التعايشية والتاريخية وسواها، فهي تؤكد أن الأسابيع المقبلة قد تكون ‏في غاية الصعوبة من خلال الضغوطات التي يتعرض لها بعض الأفرقاء من المجتمع الدولي، ما ‏يدفعهم إلى طروحات أخرى تربك اللبنانيين، وبشكل أو بآخر فهذه الخلافات والمشاريع المستجدة ‏أو الطروحات التي تتسم بالخطورة، ستعيق حتماً أي توجه من أجل الشروع في معالجة الأوضاع ‏الاقتصادية، كذلك ستعمّق المشكلة مع المجتمع الدولي الذي ما زال على مواقفه من خلال مقاربته ‏لدور حزب الله وما يقوم به من المزيد من العقوبات على الحزب، وكذلك عدم دعمه الاقتصادي ‏والمالي للبنان إلا وفق شروط باتت واضحة وليس في استطاعة الحكومة اللبنانية القبول بها من ‏خلال الظروف المحيطة على مستوى قدرة الأطراف الأخرى على زعزعة دور الحكومة في حال ‏لا تماشي طروحاتها، بمعنى أنّ حزب الله هو من يمسك بدور الحكومة ومن زكاها وداعم لها، ‏فكيف لها أن تقدم على الالتزام بشروط المجتمع الدولي، أكان على مستوى العملية الإصلاحية ‏الإدارية والمالية أو الشروط السياسية المتعلقة بسلاح حزب الله.

 

وأخيراً، وأمام هذه الأجواء القاتمة وخصوصاً الطروحات الأخيرة التي مست بالدستور، فإن لبنان ‏مقبل على مرحلة مصيرية، إذ عليه الالتزام بما سيطلبه صندوق النقد الدولي وكذلك بالقرارات ‏الدولية الصادرة عن المجتمع الدولي، وإلا ليس هناك من أي دعم سيحظى به، ولهذه الغاية فإن ‏معارك سياسية في الداخل ستشكل العنوان الأبرز لهذه المرحلة، فما قاله المفتي قبلان ستكون له ‏تداعياته لوقت طويل.