Site icon IMLebanon

محمد الحوت يُواجه باسم اللبنانيين الغطرسة العونية

 

كلامه الواثق والتقني والقانوني أنعش الثقة وأصاب أهدافاً كثيرة وأفقد مهاجميه التوازن

 

 

لم يكد المؤتمر الصحافي لرئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط «MEA» محمد الحوت يلقي أوزاره حتى تلقّيتُ اتصالاً من أحد رؤساء الهيئات الاقتصادية يتحدّث بحماسة لافتة عن ما فعله الحوت في هذا المؤتمر، ليس فقط من ناحية التمكّن من ملفاته والثقة بنفسه والاطمئنان إلى تاريخه، بل أيضاً لناحية السقف المرتفع في ردوده على الحملات التي استهدفته وتطاولت عليه بشخصه، وبمن بات يمثل لهم النموذج الناجح والصامد في وجه استهدافٍ سياسيّ شعبوي لم يتوقّف طيلة السنوات الماضية.

 

هذا الموقف الصادر عن أوساط الهيئات الاقتصادية كان نموذجاً عن ردّات الفعل التي أحدثها موقف الحوت في الأوساط الشعبية ولدى النخب اللبنانية، في تصدّيه لحملة استهدافٍ وافتراء وتجني شعواء من «التيار الوطني الحر»ّ ومن أوساط الثنائي الشيعي، فهو جاء متمكّناً من الناحية القانونية والتقنية بحيث ألقم مهاجميه حجراً أفقدهم توازنهم، فأصدروا بياناً باسم «لجنة مكافحة الفساد» في التيار الوطني الحر فاتهم فيه أن يجيبوا على أسئلة اللبنانيين التي لا يجدون لها جواباً عن سرّ وزراء الطاقة العونيين وفشلهم الذريع في تأمين الكهرباء وعن صفقات البواخر التي لا تنتهي، وعن تعطيل كل الإصلاحات المطلوبة من الجهات المانحة لتسهيل تعاطي المؤسسات المالية الدولية مع لبنان، وخاصة تعيين مجلس إدارة لكهرباء لبنان، وهو التعيين الذي يكاد يصل إلى درجة الاستحالة لأنه سيكون بداية خطّ الإصلاح الذي لا يريده أحد في هذه السلطة.

 

في السياسة: الحوت يصيب الأهداف بدقّة

 

لم يكن موقف محمد الحوت مقتصراً على الشقّ المتعلّق بالوضعية القانونية لطيران الشرق الأوسط، بل امتدّ أيضاً إلى السياسة، وهنا ظهر الرجل بصورة السياسيّ الوطنيّ الذي يعرف ماذا يريد، ويدرك كيف يوجّه السهام وكيف يصيب من خصومه مقتلاً، تماماً كما فعل في ردّه على النائب جميل السيد، الذي قال عنه بوضوح: «عندما كان اللواء جميل السيد يتمتع بسلطة لم أُقـِم له أي اهتمام ولن أردّ عليه اليوم»، مستحضراً خلال أحاديث إعلامية أخرى، في سياق الحديث عن الفساد، أن اللواء السيد الذي لا يتجاوز راتبه الشهري 5 ملايين ليرة لبنانية أعلنت المحكمة الدولية عن وجود 27 مليون دولار في حساباته الخاصة ولم يحاكمه أحدٌ في لبنان ولم يسأله أحد من أين لك هذا؟

 

وذكّر الحوت أنه في ذروة سطوة اللواء السيّد الأمنية والسياسية في العام 1999، أخذ مجلس الوزراء قراراً بإقالته لأنه يريد تعيين أحد أقربائه، فرفض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تنفيذ ذلك القرار لأنه مخالف لقانون النقد والتسليف القاضي باستقلالية قرارات المصرف عن الحكومة، ليتضح أن المعركة التي يخوضها السيد منذ ذلك الحين ذات بُعد شخصي وسياسي في آن معاً.

 

حملةٌ في زمن الكورونا

 

تأتي الحملة الجديدة على محمد الحوت في الزمن السياسي لوباء «كورونا»، حيث تسعى السلطة بكلّ طاقتها لاستغلال الحالة الطارئة التي يمرّ بها لبنان والعالم، لتمرير الصفقات، كما هو الحال في استئناف العمل في مشروع سدّ بسري الكارثي، ولتمرير التعيينات واقتسام الحصص، وهي لحظة يدرك محمد الحوت طبيعتها وسبل التعاطي معها، فكان الهجوم خيرَ وسيلة للدفاع، لهذا قال للجميع: «عند تصفية حساباتكم، نحن حاضرون ولسنا خائفين ولقد اعتدنا على ذلك منذ 22 سنة ومرت علينا صعوبات كثيرة، إنما نقول لهم حافظوا على الشركة، وهم حوّلوا الخلافات إلى معركة شخصية ولا يعتقد أحد أن باستطاعته إيذاء الشركة طالما نحن موجودون فيها وطالما هناك مجلس إدارة متماسك ومصرف لبنان مساهم في هذه الشركة لن نغيّر نهجنا في إدارة الشركة وسنستمر بنفس النهح الذي قمنا به خلال عشرين سنة والذي أدى في اصعب الظروف التي مرّ بها لبنان ان تستمر الشركة بتحقيق الأرباح».

 

الوقائع تسقط الحملات

 

كان مفيداً تذكير الجميع بمن فيهم التيار العوني بنقطتين هامتين:

 

– التاريخ يثبت الرؤية القانونية:

 

ان شركة طيران الشرق الاوسط هي، شركة تجارية وليست ملكا للدولة اللبنانية.. ونحن شركة تجارية تعمل وفق احكام قانون التجارة ولديها مجلس إدارة يديرها وجمعية عمومية تحاسبها ومدققو حسابات عالميين يدققون في حساباتها، وصادف ان مصرف لبنان يملك 99% من اسهمها ولكن مصرف لبنان كانت شركة air France و«أنترا» تملكانها، وقبل ذلك بكثير كانت عائلة الرئيس صائب سلام قد أسّسـت الشركة وبعد ذلك امتلكتهاB o c، وقد نصل الى مرحلة ان يبيع فيها مصرف لبنان الشركة، وملكية مصرف لبنان في الشركة تأتي وفقا لأحكام قانون النقد والتسليف للذي يعتبر مصرف لبنان شخصية مستقلة عن الدولة وأنّ مساهمته في الشركة هي بصفته تاجراً فليس هناك مالٌ عام بالمفهوم القانوني في الشركة.

 

– تجربة الإصلاح أنقذت الشركة:

 

ذكّر الحوت الجميع بأن شركة طيران الشرق الأوسط كانت تعاني من خسائر تقدر بـ750 مليون دولار. وانه بفضل الخطة الإصلاحية التي أقرّها مجلس الإدارة حققت الشركة أرباحا بلغت مليارا وثلاثمائة مليون دولار على مدى ثمانية عشر عاماً، وان هذا الربح تحقق في أصعب الظروف وخلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان في عام 2006 الذي أدّى حينها إلى خسائر للشركة بلغت 35 مليون دولار ومع ذلك «حققنا في نهاية ذلك العام ارباحاً وأن شركة طيران «عال» الإسرائيلية تكبدت خسائر».

 

حقيقة النجاح الوطنية هذه، هي نتاج التوأمة بين قدرات محمد الحوت الإدارية والإبداعية والخلاّقة، وبين الخطة الإصلاحية والفريق الإداري والتقني وسائر الموظفين من طيارين ومضيفين.. وهذا ما لم يعتد عليه الفريق المتسلّط في السلطة الذي يعتمد سياسة الوقاحة في الفشل واستغباء اللبنانيين بتصويره نجاحاً، تماماً كما يحصل في قطاع الطاقة والمياه والسياحة والعدل وغيرها من الوزارات والمواقع التي استولى عليها التيار العوني وأحالها بئراً معطلة وقاعاً صفصفاً وأطلالاً مندثرة..

 

ما فعله محمد الحوت كان انتفاضة للكرامة الجماعية للبنانيين الذين وجدوا في موقفه أنه يمثل رأيهم ويجسّد قناعاتهم بضرورة المواجهة مع هذه التيارات المستهدفة للدولة بما تبقى منها من مؤسّسات وكفاءات، إذا سقطت، يسقط لبنان، وإذا صمدت يصمد الوطن.