معركة الجرود حصلت أو لم تحصل هي في النتيجة رسالة من إيران الى الولايات المتحدة الاميركية خلاصتها أننا ما زلنا هنا، وأنّ لنا دوراً مستمراً.
وسيّان أكانت إيران قادرة على أن تستعيد دوراً سياسياً وعسكرياً وأمنياً في سوريا أو لم تكن قادرة عليه فإنّ التطورات الميدانية توضح أنّ نفوذها قد تقلّص بشكل كبير داخل سوريا الى حد الذوبان.
وكنا تناولنا هذه الناحية أمس مركّزين على أنّ التوافقات الاميركية – الروسية، داخل سوريا، قد تعمّدت تجاهل إيران كلياً لدرجة تقارب إخراجها من المعادلة عملياً، إلاّ في بعض الشكليات التي لا تقدّم ولا تؤخّر.
واليوم نذكر أنّ إيران افتقدت الكثير من مواقعها ومن دورها على الارض الذي هو، في النتيجة، مقياس للدور السياسي.
ولو بدأنا في جنوب لبنان لتبيّـن لنا أنّ موجبات القرار 1701 أقصت «حزب الله» عن المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة، وبالتالي باتت إسرائيل في طمأنينة وسلام، واستطراداً لم يعد لإيران أي تأثير على هذه الخاصرة.
وفي الجولان يكاد يكون الوضع موازياً… فقد نفذت إسرائيل بضع عمليات استهدفت مواقع كانت لـ»حزب الله» ما اضطره الى الإبتعاد عن هذه المنطقة… وبابتعاده افتقدت إيران حضوراً وتأثيراً في تلك الخاصرة أيضاً.
أما درعا التي مساحتها توازي ثلث مساحة لبنان تقريباً (3700 كلم مربع) فهي خارجة كلياً على النظام وعلى ميليشيا «حزب الله» وسائر الميليشيات الشيعية التي استقدمتها إيران من مختلف البلدان وزجّت بها في حرب النظام السوري ضد شعبه.
في الرقّة يبدو أنّ الاميركيين لهم فيها خطة محكمة نفذ بعضها والبعض الآخر قيد التنفيذ، وليس لإيران أي حضور فيها.
وأمّا حلب فهي في عهدة وتحت وصاية الإكراد والأتراك بالرغم ممّا بين الجانبين من تناقضات جذرية واستراتيجية.
والساحل السوري في قبضة الروس وتحت حماية قاعدتهم البحرية في طرطوس، وطائراتهم التي تنطلق من قاعدة حميميم الجوّية… وبالتالي لا وجود لأي حضور إيراني.
ولم يبقَ أمام إيران سوى أن تحرّك هذا الجيب الذي تقيم فيه «النصرة» و»داعش» في منطقة جرود عرسال التي إذا خاض فيها «حزب الله» المعركة فسيقاربها من الداخل السوري، وهذا بمثابة آخر ورقة توت «تستر» عري إيران من نفوذها في سوريا.
وفي إطار توجيه الرسائل الى الاميركي قد يكون «حزب الله» راغباً في تحقيق نسخة ثانية من الرسالة الأولى التي وجهها الى الاميركيين يوم كان الرئيس سعد الحريري على أبواب المكتب البيضاوي في البيت الأبيض يهم للقاء الرئيس باراك أوباما، فعمد الى تقديم استقالة ثلث الوزراء فاعتبرت الحكومة دستورياً مستقيلة، ودخل الحريري على أوباما رئيساً مستقيلاً، ما أثر من دون شك على مصلحة لبنان.
واليوم قبل سفر الرئيس الحريري في آخر الاسبوع الى واشنطن هل يكرر «حزب الله» هذا الدور؟
عوني الكعكي