من الواضح أن «ما كُتب قد كُتب» على صعيد تشريع الضرورة، في ضوء الإتفاق السياسي شبه الكامل بين القوى السياسية والحزبية على تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية لمدة عامٍ كامل، بعد تعذّر إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري. إلاّ أن فاعلية هذا الإتفاق، لم تتخطَّ التصويت على قرار التمديد، ولم تنسحب على عناوين أخرى، بدلالة المواجهة العالية السقف التي شهدتها ساحة النجمة بين نواب «التيار الوطني الحر» من جهة، ونواب تكتل «الإعتدال الوطني» من جهةٍ أخرى. وبمعزلٍ عن تزامن جلسة التشريع للتمديد مع جلسة الحكومة بالأمس، فإن مصادر نيابية في قوى «التغيير» كشفت أنه كان من الممكن، في حال سقط «التمديد» في المجلس النيابي، أن تبحث الحكومة في اجتماعها بعد ساعات، بند إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها، من خلال تأمين التمويل اللازم لها.
واستدركت المصادر النيابية «التغييرية»، موضحةٍ أن التمويل لم يكن العائق الوحيد أمام إجراء الإستحقاق والدافع نحو التأجيل، بل شدّدت على أن السبب الحقيقي والواقعي، يتركّز في غياب الجهوزية والقدرة لدى أي فريق سياسي على خوض غمار المنافسة في انتخابات ذات طابعٍ محلي أولاً، وفي توقيت دقيق ثانياً، حيث أن اتجاه المواطنين إلى محاسبة المسؤولين عن المجالس البلدية قد بدا واضحاً، وفق ما أظهرت نتائج كل استطلاعات الرأي التي أجرتها ماكينات بعض الأحزاب، أن المنافسة لن تكون سياسية، وإنما بين المسؤولين والأحزاب من جهة، والمواطن في كل مدينة وبلدة من جهةٍ أخرى.
وبينما يتنامى الخلاف السياسي حول التمديد رغم إقراره، بدلالة السجالات العالية السقف تحت قبّة البرلمان، كشــفت هذه المصادر، عن أن تنسيقاً مسبقاً قد حصل بين المعنيين، وهو ما أدى إلى تأمين ميثاقية هذه الجلسة عبر مشاركة نواب «تكتل لبنان القوي».
واعتبرت أن تقاذف التهم بين النواب والحكومة، وتحميل الحكومة مسؤولية عدم إجراء الإنتخابات أو عدم الإعداد لها غير واقعي، ولن يحقِّق أي هدفٍ على هذا الصعيد، باستثناء تمرير اللحظة الخلافية بامتياز، من خلال حملات وسجالات جانبية لا تلامس جوهر أزمة البلديات والإنتخابات.
وعليه، لا تُخفي المصادر النيابية نفسها، أنه لو تقرّر تمويل هذه الإنتخابات، فإنه كان من الممكن أن تحصل في أيار المقبل ومن دون أي تأخير، حتى أن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، بقي حتى أمس الأول يتحدث عن جهوزية الوزارة لإجراء الإستحقاق البلدي، مع العلم أن كل الأطراف قد قاربت هذا الملف من زاوية التمديد ومنذ اللحظة الأولى لبدء التداول بهذا العنوان، سواء داخل الحكومة أو في اجتماعات اللجان النيابية وجلسات اللجان النيابية المشتركة في الأسبوع الماضي.
ومن ضمن هذا السياق، شدّدت المصادر النيابية، على أن المسؤولية اليوم مشتركة بين النواب والوزراء على حدٍ سواء، وكما أن قرار إجرائها سياسي، فإن التمديد أيضاً سياسي، وبالتالي فالمشكلة ليست مالية أو تقنية، وكان يمكن للحكومة أن تعقد جلسة لتأمين التمويل وإقرار زيادة للعاملين في القطاع العام من أجل تأمين مشاركتهم في الإنتخابات، خصوصاً وأن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قد التزم إجراءها وعدم التمديد للمرة الثانية للبلديات والمخاتير، كما أن الإتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، قد عرضا المساهمة في تأمين الأدوات اللوجستية لوزارة الداخلية.