IMLebanon

جرعة مولوي “سراب”: المجالس البلدية إلى المجهول!

 

 

 

بين الإجراء والإرجاء، حرف واحد وضع اللبنانيين في «فوازير» انتخابات السلطة المحليّة. حوالى 1055 بلدية، وأكثر من 2358 مختاراً ينتظرون مصيرهم المُعلّق على حبال السلطة المركزيّة. حتّى البارحة، لم تُؤخذ المسألة على محمل الجدّ وربّما تطول. المعطيات وأجواء القوى السياسية أو بعضها تميل إلى محور التأجيل أو التمديد أو الفراغ. فهي ضليعة في رسم سيناريوات كهذه.

 

وحده وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يُصرّ على القيام بواجباته. أعاد تزخيم الأمل بالمعركة الأحبّ والأقرب إلى هموم الناس واهتماماتهم. رأى أنّ «المواطنين بحاجة لدم وفكر ورؤية جديدة في المجالس المحلية والبلديات»، معلناً «أن الوزارة جاهزة للقيام بالإنتخابات البلدية والاختيارية». وقال «نحن ملزمون بدعوة الهيئات الناخبة، وسنصدر التعاميم اللازمة بخصوص الترشيح ونكرّر طلبنا بتأمين الاعتمادات اللازمة لخوض الانتخاب». واعتبر أنّ «استحقاق الإنتخابات البلدية والإختيارية في هذه المرحلة هو تحدٍّ لنا، ونحن اعتدنا المواجهة لمصلحة المواطن ولتطبيق القانون»، مشدّداً على أنّ «الإصرار والنيّة ضروريان لإجراء الإنتخابات ولكن لا يكفي ذلك، وإصرارنا ترافق مع عمل، ونحن نطالب بتأمين الإعتمادات، والمبلغ ليس كبيراً مقابل ما أنفق في العامين الماضيين».

 

هل حان موعد انطلاق قطار الإنتخابات نحو البلديات بعد سنة على النيابة؟ أتكفي النوايا «المولوية» والإجراءات اللوجستية والإدارية؟

 

على قاعدة «ما تقول فول ليصير بالمكيول»، لن تنضج «الطبخة» إذا لم تكتمل عناصر مكوّناتها. لكلّ «عرس قرص». المطبّات السياسيّة والمالية تُحاصر عجلة الإستحقاق. فيما الحكومة ملزمة بتأمين مستلزمات إجراء هذه الإنتخابات، أشار مصدر سياسي مطّلع لـ»نداء الوطن» إلى أنّ «الطابة هي في ملعب مجلس النوّاب لإقرار السلفة المطلوبة لتأمين الاعتمادات بعد تأكيد وزير المال نفاد الاحتياطي في الخزينة العامة». في مؤتمره الصحافي أمس، كشف مولوي أن بعض الاعتمادات تأمّن من الـUNDP والباقي يجب على الدولة تأمينه حتى من حقوق السحب الخاصة.

 

غير أن هذا المخرج يصطدم بعقبات سياسية. «حتّى الآن، لا بوادر إيجابية بالتوجّه نحو السحوبات الخاصة» التي قبضها لبنان من صندوق النقد والتي بلغت 1.12 مليار دولار، تمّ صرف 740 مليوناً منها في غضون عام، كما تؤكد مصادر سياسية معنيّة بعمل الحكومة. اللافت في هذا الإطار، أن بعض الكتل النيابية المعترضة على تمويل الإقتراع البلدي من السحب الخاص باعتباره غير قانوني، مُمثّلة في الحكومة، وقام وزراؤها بصرف المبلغ المذكور.

 

بعدما أعلن مولوي روزنامة الإنتخابات على الشكل التالي: «7 أيّار – الشمال وعكار، 14 أيّار – جبل لبنان، 21 أيّار – بيروت – البقاع – بعلبك الهرمل، و28 أيّار الجنوب والنبطية»، يرى المرجع ذاته أن الإستحقاق المحلّي في مهبّ التجاذبات والإنقسامات وتقاذف المسؤوليات. لن تُسعفه تحديد المواعيد في المحافظات اللبنانية. لن تشكّل تلك التواريخ أي إحراج للمسؤولين السياسيين في إخراج الإستحقاق عن مداره القانونيّ. فالعوائق السياسيّة المغلّفة بحجج مالية، أقوى من انتظارات اللبنانيين وإرادة مولوي الذي ناشد «الجميع عدم عرقلة الانتخابات»، داعياً «من يريد عرقلتها الى إيجاد الحلّ. وإذا تأمّن التمويل فسيأخذ الموظف حقّه وتعبه»، معتبراً أنه «لا نستطيع رمي المسؤولية على إضرابات الموظفين المحقّة لكي نتنصّل من الإنتخابات».

 

هذا الكلام، يكشف أن اعتكاف المسؤولين عن القيام بواجباتهم هو الإضراب الحقيقيّ الذي يضرب المؤسسات وانتظام الحياة السياسية. ولفت المصدر ذاته، إلى أن هناك مسعى جديّاً لعقد جلسة تشريعية لتمديد المجالس البلدية والإختيارية الحالية، ما يبدّد جرعة الأمل التي ضخّها مولوي في زواريب القرى والبلدات، في ماكينات العائلات والأحزاب المُتعطّشة إلى إجراء الإنتخابات في موعدها.

 

في الخلاصة، يبدو أن سيناريو التمديد هو الأقرب إلى مصير البلديات، في ضرب لبديهيات وأصول دولة القانون والمؤسسات. الإنتخابات في الأنظمة الديموقراطية أشبه باحتفالات ثابتة كعهود الفصول وتعاقب الليل والنهار. أما في لبنان فتخضع إلى مواقيت المصالح وما أخطرها؛ على مذبحها تُرتكب أكبر جريمة بحقّ الحياة السياسية التي لا تحيا بلا تجدّد. إنها جريمة قتل الوقت.