تُعتبَر بلدة بحمدون إحدى أهمّ بلدات قضاء عاليه الـ 72، الذي يَشهد حركة مكّوكية في مختلف الاتّجاهات لتجنيب القضاء ما أمكنَ من معارك انتخابية وتكريس الروح التوافقية. يضمّ هذا القضاء نحو 55 مجلساً بلدياً منتخَباً، فيشتدّ الكباش في مناطق ويَرخو في أخرى، إلّا أنّ حال بحمدون كمَن بلعَ البحر و«غصّ» بالساقية، فبعدما كانت تسير الأمور بخطى ثابتة نحو التوافق على رئيس البلدية، واقتصار المعركة «عَ المخترة»، يبدو أنّ هذا التوافق بدأ يتأرجح.
منذ نحو 12 عاماً ورئيس بلدية بحمدون الحالي وليد خيرالله يترأس المجلس البلدي المكوّن من 15 مقعداً. يُردّد الأهالي في مجالسهم بقناعة تامّة أنّ «خيرالله خابز وعاجن بحمدون، وبيَعرف الشاردة والواردة فيها». ففي معظم أحاديث الأهالي نقطة مشتركة وهي مباركة مسبَقة لخيرالله، إلّا إذا حملت الساعات الأخيرة مفاجآت خارج الحسبان.
في اتّصال مع «الجمهورية»، أبى خيرالله الحديث مطوّلاً عبر الهاتف، مردّداً غير مرّة: «تفضلوا شرّفونا بزيارة ومنِحكي بالتفصيل». لكن في نبرته ثقة بأنّه الأخبَر بشجون المنطقة في الوقت الراهن، ومحبوب بين أهله. لذا يكتفي بالقول: «حتماً سأترشّح مجدّداً، وأنا ضليع بالمنطقة أكثر ممّا يتصوّر البعض، وأعرف احتياجات البلدة».
3 آلاف و17 صوتاً
من جهته، يوضح مصدر قواتي متابع للمعركة الانتخابية «أنّ المباحثات كانت قد وصلت إلى حدٍّ متقدّم من التفاهم بين القوى الحزبية والعائلات، ولكن لا شيء محسوماً حتى الآن».
ويضيف: «حاوَلنا قدر المستطاع تجنيبَ البلدة معركة انتخابية، ولكن وفق المستجدّات الأخيرة يبدو أن لا مفرّ من معركة على المخترة. أمّا في المجلس البلدي فالتوافق مبدئي وتكريسُه رهن الساعات المقبلة». ويؤكّد المصدر حرصَ «القوات» على احترام المكوّنات العائلية «خصوصاً أنّهم في نهاية المطاف يشكّلون مكوّنات من الأحزاب السياسية».
ولا يُنكر أنّ التوصّل إلى صياغة توافقية في أيّ بلدة ليس بالأمر السهل، فيقول: «قد يقع الخلاف ضمن العائلة الواحدة، خصوصاً أنّ عدد المؤهّلين وأصحاب الكفاءة العالية يزداد، ولكن في بحمدون نعمل جاهدين على صياغة تتمثّل فيها مختلف العائلات ومِن مختلف التيارات الأساسية الموجودة في البلدة».
تشكّل عائلتا خيرالله وتابت أكبرَ العائلات في بحمدون التي تضمّ لوائح الشطب فيها 3017 صوتاً، ولا يختلف اثنان على أنّ خير الله يميل إلى «التيار الوطني الحرّ»، فقد سبقَ أن ترشّحَ على المقعد النيابي. أمّا تركيبة المجلس فقد تتّجه إلى أن تضمّ 3 من «القوات»، و 3 من «التيار الوطني الحر»، فيما الأعضاء الآخرون يمثّلون عائلات البلدة وفاعلياتها.
لا يدّعي أهل هذه البلدة أنّهم راضون مئة في المئة على واقع حال بلدتهم، فيقول المصدر عينه: «لا شكّ في أنّ الرئيس الحالي أنجَز ما بوسعه من أنشطة، ولكن نطمح إلى مزيد من الأعمال التنموية، فالمنطقة لا بدّ أن تبقى في حركة متابعة ومواكبة».
سبب تأرجح التوافق
قبل ساعات أخيرة من نشر الموضوع، علمت «المجمهورية» أنّ خيرالله تمنّى استبدالَ أحد مرشّحي «القوات» إلى المخترة عن المقعد الماروني، وهو من عائلة تابت، ليكون عضواً في البلدية (من بين الأعضاء الثلاث الذين يرشّحهم حزب «القوات»)، بذلك يتمكّن خيرالله من دعم مرشّحه إلى المخترة والإفادة من الأصوات، وبالتالي تعزيز مكانته في رئاسة المجلس البلدي. لذا تبدو الأمور في مرحلة الأخذ والرد بين القوى، فإمّا أن يبقى التوافق أو ينهار.
في موازاة ذلك، تبدو الأجواء متشنّجة تزامناً مع الإعداد للمخترة، فعلى رغم أنّ المسألة لا تتجاوز المقعدين، نظراً إلى أنّ البلدة تضمّ مختارين، الأوّل من حصّة الأرثوذكس الذين يشكّلون الغالبية في البلدة، والثاني من حصّة الموارنة، وهذا الأمر قد استمرّ لسنوات انطلاقاً من عرفٍ بينهم.
وهنا تؤكّد أجواء الأهالي أنّ المختار الحالي الأرثوذكسي لن يتغيّر، نظراً إلى الإجماع الكلّي عليه، «لا شكّ في أنّ الربح سيكون من حليفه». أمّا بالنسبة إلى المختار الماروني فغالباً ما يكون من عائلة تابت.
ولكنّ الجديد في القضية، وعلى حدّ تعبير المصدر نفسِه: «إثنان إلى 3 مرشّحين من عائلة تابت ينوون خوضَ المعركة». ماذا لو فاز أرثوذكسيان في المخترة، يجيب المصدر: «هذا خط أحمر ومتّفقون على رفضه، كونه يتضارب مع العرف بين الأهالي».
في سياق متصل، يَعتبر مصدر في «التيار الوطني الحرّ» مواكب للانتخابات «أنّ خيرالله هو الأوفر حظاً، وأنّ التيار يعمل مع «القوات» بالتنسيق مع العائلات لتكريس التوافق قدر الإمكان».
في الختام، يبقى التوافق مترنّحاً طالما بابُ النقاش لا يزال مفتوحاً على مصراعيه.