قبل دزينة من السنوات، كانت البلديات أهم من النيابيات.
ولذلك، فقد ترشحت قيادات، وعزفت عن الترشح للانتخابات البلدية.
والنائب دوري شمعون خاض معركة رئاسة بلدية دير القمر، قبل أن يترشح للنيابة في الشوف.
ورئيس بلدية ذوق مكايل نهاد نوفل، لا يزال، أطال الله في عمره، رئيساً للبلدية منذ العام ١٩٦٣.
ومن بعد أحمد ممتاز كباره، منذ العام ١٩٦٣ أيضاً، رأس بلدية ميناء طرابلس، على أنقاض زعامات، وخلفه عبد القادر علم الدين ومن بعدهما، لم يستمر رئيس بلدية في منصبه الا فترة قصيرة.
وهذا، إن دل على شيء، فيدل على أن لرئيس البلدية رهجة سياسية، وحصيلة شعبية لجهود عائلية في المدن والقرى.
ولذلك، فقد عمد رئيس بلدية أنفه مكارم مكاري ورئيس بلدية شكا فرج الله الكفوري الى جعل البلدتين، تتدثران بمنظر جديد ظهر على الجدران، وفي الساحات العامة.
من هنا أهمية الانتخابات البلدية، وأهمية اجرائها في المدن والقرى.
وهذا في نظر الناس، أجدى من النيابة أحياناً.
ولولا تعديل القوانين، لكان عدد من السياسيين يخوضون الانتخابات البلدية والنيابية في آن.
وهذا الكلام ليس دغدغة لمشاعر رؤساء البلديات، في زمن عجز الحكومة عن حل مأزق النفايات ومحاولة التخلص منها، إما بترحيلها الى الخارج، أو بتكليف البلديات بتنظيف البلد منها، بعدما غطت الشوارع والساحات، وتكاد تتحول الى محاكم لاعدام المواطنين.
والزبالة كأنها فتاكة بالناس، أكثر من الحكم بالاعدام.
وها هي بلدية جبيل، تلفت أنظار العالم، بما تحققه من انجازات، الى حد أن بلدية بيبلوس اختاروها كواحدة من أجمل المدن في العالم.
ورئيس بلدية جبيل زياد حواط، يستأثر باهتمام الناس، في مدينته وخارجها، لأنه جعل من عاصمة الحرف واحدة من أرقى المدن السياحية في العالم.
ومما لا شك فيه، أن الانتخابات البلدية، قبلة أنظار المواطنين في كل مكان، والناس تشير الى رؤساء البلديات بالاعجاب والتقدير إن أحسنوا في العمل، وبالسوء الى الذين غرقوا في المنافع الخاصة، والمصالح الشخصية.
كان جاك شيراك يقول إنه عمل رئيساً لبلدية باريس، ايماناً منه بأنه يستطيع جعل العاصمة الكبرى في وطنه، تفعل المستحيلات.
عندما أراد شارل ديغول العودة الى قيادة فرنسا، أوعز الى الأفذاذ والرواد، أن يعملوا رؤساء بلديات أو مخاتير، ليستطيعوا الوصول الى فوق، لأن النجاح يبدأ من تحت، ومنه يحققون المعجزات.