احتراماً للنصوص الدستورية والقانونية التي ترعى مدة ولاية المجالس البلدية، كان مفترضاً أن تجرى الانتخابات البلدية والاختيارية، في أيار المقبل، نظراً لكون آخر انتخابات بلدية كانت في 8 أيار 2016 لولاية من ست سنوات كما ينصّ قانون البلديات. إلا أنّ الترويج لعدم إجرائها بدأ قبل مدة. ويستند أصحاب هذا الرأي، وفي مقدّمهم وزير الداخلية بسام مولوي، إلى أن أسباباً لوجستية وأمنية ومالية تحول دون إجراء الاستحقاقين البلدي والنيابي معاً.
عملياً، تتعامل وزارة الداخلية مع الاستحقاق النيابي كأولوية، وتنشغل دوائرها المعنية في إتمام التحضيرات الإدارية واللوجستية المطلوبة له. وتبرر المصادر صعوبة الجمع بين الاستحقاقين «لما يفرضه ذلك من حاجة لعددٍ أكبر من الكتّاب وصناديق الاقتراع والقضاة. وصعوبة استيعاب قلم الاقتراع لثلاثة صناديق (نيابي / بلدي / اختياري) مع عدد مندوبين أكبر. فضلاً عن اختلاف القانون الانتخابي البلدي باعتماده النظام الأكثري عن قانون الانتخاب النيابي الذي يعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي».
لوجستياً، يقع على عاتق مولوي ضمان إتمام العملية الانتخابية بسلاسة، وخارج مزاعمه عن «عدم القدرة»، فإن أحداً لا يعرف استعدادات الوزارة. من حيث المبدأ يؤيد وزير الداخلية السابق زياد بارود دمج الاستحقاقين لأن ذلك «يوفّر على الدولة أعباءً مالية، خصوصاً أن الانتخابات البلدية تُجرى على 4 أيام، في حين أن النيابية في يوم واحد، وليس صعباً إضافة صندوقي اقتراع، واحد للمجالس البلدية والآخر للاختيارية، إلى جانب الصندوق المخصّص للانتخابات النيابية». كما أن التأجيل بحجّة التمديد التقني لا ينطبق على ما هو مطروح، إذ أن «التمديد التقني يكون لشهرين أو ثلاثة».
التمديد يرتب إشكاليات إدارية في البلديات التي تضع مشاريعها لسنوات ست
تتفادى السلطة إجراء الانتخابات النيابية والبلدية سوياً، لأن للأخيرة طابعها العائلي التقليدي، والأحزاب ليست في وارد وراثة مشاكلها وتأثيراتها في ظل انشغالها بالاستحقاق النيابي، ما يعزز اعتبار الصعوبة اللوجستية ذريعة أكثر منها واقع. وبالقدر نفسه الذي تريد فيه السلطة هذا التأجيل فإنه يشكّل بالنسبة إلى المجالس البلدية ضغطاً كبيراً، كما للمحافظ والقائمقام الذي يدير أعمال بلدية منحلّة في نطاقه. فالتمديد يرتب إشكاليات إدارية في البلديات التي تضع مشاريعها لسنوات ست. وهنا يستبعد رئيس بلدية الغبيري معن الخليل إمكانية وضعها لمشاريع لمدة عام، واصفاً ما يجري بـ «تمديد اللاعمل، أو تمديد العمل الأساسي وضمن الإمكانيات التي تسمح بها الفترة الزمنية لكون المجالس البلدية تعمل وفق خطط سنوية قصيرة وطويلة المدى». وتحت وطأة الأوضاع الاقتصادية الضاغطة يبرز ضعف الإمكانيات، ومعه «لن تستطيع البلديات رسم استراتيجية عمل لعام ستليه انتخابات». الضعف سيطاول البلديات معنوياً أيضاً، من مجلس منتخب إلى مجلس ممدّد له «قراراته تحت هذه الصفة يضعف وقعها وتأثيرها على الناس». إلى ذلك، لا تحترم السلطة بقرارها التمديد، رغبة رؤساء البلديات، فمنهم من اكتفى بتجربة السنوات الست وهو مضطر اليوم لأداء الخدمة العامة خلافاً لظروفه وتقييمه للتجربة. تحد إضافي يبرز في المجالس البلدية القائمة ولايتها على المداورة (3 سنوات مقابل 3 سنوات) بين عائلتين أو حزبين، من سيتولى أعمال البلدية في السنة الإضافية؟
10% من البلديات منحلّة
30% من المجالس البلدية في لبنان تعاني من الشواغر، و10% منحلّة، وهو واقع لم يمنع السلطة من تخطي إجراء الانتخابات البلدية الفرعية، فبقيت تلك البلديات في عهدة المحافظ أو القائمقام الواقعة ضمن نطاق عمله، وفي بعض المناطق يدير أعمال أكثر من بلدية في آن واحد. ما أدى إلى تراجع العمل البلدي والإنمائي وحفظ النظام في عدد كبير من البلدات، حيث لا قدرة للمحافظ على المتابعة اليومية وسط ما هو موكل إليه بالأصل من واجبات. ويمكن تخيّل كيف ستكون الحال إذا ما ازداد عدد البلديات المستقيلة، اعتراضاً على التمديد أو لفقدان التمويل أو لأي سبب آخر.