IMLebanon

الإتحاد الأوروبي مُستعدّ لتقديم التمويل للبنان في حال قرّر إجراء الإنتخابات البلديّة… والمسؤولون غير مُتحمّسين 

 

 

 

يبدو أنّ الأمور لا تزال مقفلة أمام الدعوة للجلسة الثانية عشرة لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، رغم دعوة دول الخارج، لا سيما دول الإتحاد الأوروبي والنروج وسويسرا لبنان بشكل عاجل منذ نحو عشرين يوماً، مجلس النواب إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يوحّد الشعب اللبناني في إطار المصلحة الوطنية، كخطوة أولى لاستعادة قدرة مؤسسات الدولة اللبنانية على صنع القرار على المستويين الإداري والسياسي.

 

ولأنّ أي دعوة للإنتخاب لم تحصل منذ إصدار الإتحاد الأوروبي والبعثات الأوروبية بياناً مشتركاً حول الوضع في لبنان، الذي أبديا فيه بالغ القلق حياله، عاد سفير الإتحاد الأوروبي في لبنان رالف طرّاف ليُشدّد أخيراً من وزارة الخارجية والمغتربين على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية وقيام لبنان بالإصلاحات اللازمة. إلّا أنّ السجالات والخلافات الداخلية لا تزال على حالها، الأمر الذي يُعيق مسألة التوافق على إسم الرئيس الجديد، ويحول دون دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الى جلسة جديدة للإنتخاب،والذي أكّد مراراً وتكراراً على ضرورة حصوله قبل العودة الى البرلمان.

 

وتقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة، بأنّ دول الإتحاد الأوروبي أبدت إستعدادها لدعم لبنان على مسار الإستقرار الإقتصادي الكلّي والمالي الذي يتطلّب إصلاحات بنيوية، غير أنّها لا تزال تجد أنّ المسؤولين اللبنانيين غير جديين، ولا يقومون بأي خطوات ملموسة في هذا الإطار. لهذا قد تتردّد في مدّ يدّ المساعدة لهم إذا لم تلقَ تجاوباً مع دعوتها لهم. فلا مساعدات أوروبية أو حتى دولية من دون إصلاحات، فيما تتأخّر هذه الأخيرة مع عدم قيام المؤسسات العامّة بمهامها على ما يُفترض بسبب الخلافات السياسية.

 

غير أنّ إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها (أي في أيّار المقبل)، على ما طالبت دول الإتحاد، على ما أضافت الاوساط، ويودّ وزير الداخلية والبلديات بسّام مولوي التحضير لها في حال تمكن من تأمين التمويل المناسب لها، فيُمكن أن تستجلب المساعدات من الدول الأوروبية في حال جرى التوافق داخلياً على ضرورة إجرائها. علماً أنّه لا بدّ من عقد جلسة لمجلس وزراء لبتّ مسألة الإعتمادات المطلوبة، ومن ثمّ إرسال مشروع القانون إلى مجلس النواب للتصويت عليه وإدراجه ضمن الموازنة العامّة لعام 2023. هذه الموازنة التي تصرّ دول الإتحاد الأوروبي أيضاً على وضعها سريعاً، وأن تُعالج بالتالي مسألة انهيار قيمة رواتب موظفي القطاع العام لتمكينهم من متابعة عملهم لصالح الشعب اللبناني.في الوقت الذي أرجأت فيه حكومة تصريف الأعمال في جلستها الثالثة البحث في بند الإنتخابات البلدية، بعدما رأت أنّ “الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية لا لانتخاب مجالس بلدية”، وظهرت القوى السياسية غير متحمّسة للموضوع، على اعتبار أنّ مشاكل الناس تكفيهم، وأنّ باستطاعة المجالس البلدية تصريف الأعمال.

 

وإذ أفادت المعلومات أنّ ثّمة أكثر من 1044 بلدية منها 104 بلديات منحلّة، و21 مستحدثة تحتاج الى البتّ بمصيرها، أوضحت الاوساط نفسها أنّ الأمور تتجه الى تأجيل هذا الإستحقاق الدستوري مرة جديدة، لأنّ ليس من حماس داخلي أو اعتمادات مرصودة في الموازنة العامّة لإجرائها. علماً أنّه جرى في آذار من العام الماضي التمديد لولاية المجالس البلدية والإختيارية حتى 31 أيار من العام الحالي بحجّة تزامن موعد انتهاء ولايتها مع موعد إجراء الإنتخابات النيابية، واستحالة إجرائها في الوقت نفسه بسبب مسائل عدّة لوجستية ومالية ونقص في الإمكانات والعتاد والعديد، فضلاً عن تدهور سعر صرف العملة الوطنية التي يزداد تدهوره ساعة بعد ساعة. علماً بأنّ المجالس البلدية هي التي تعمل على تنمية المدن والقرى في ظلّ تخلّي الدولة عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة الكريمة للشعب اللبناني، إلّا أنّ عدم توافر السيولة فيها يزيد من صعوبة قيامها بمهامها.

 

وترى الأوساط عينها،بأنّه في حال توافرت الإرادة السياسية يُمكن البدء بالتحضير للإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها، خصوصاً وأنّ الإتحاد الأوروبي مستعد لمساعدة لبنان وتوفير التمويل الخارجي لإجراء هذا الإستحقاق القانوني والدستوري، غير أنّه مع الأسف، لا يبدو حتى الآن أنّ هذه الإدارة متوافرة حتى الآن. فحكومة تصريف الأعمال قد أجّلت البتّ ببند الإنتخابات البلدية، في حين يحتاج مجلس النواب الى عقد جلسة “تشريع الضرورة” لاتخاذ القرار بشأن الإعتمادات اللازمة لهذا الإستحقاق. ولكن إذا كانت الكتل النيابية لم تُوافق على عقد جلسة تشريعية للتمديد لمدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، بحجّة أنّ المجلس هو “هيئة ناخبة” حالياً، فكيف سيتوافق هذا الأخير بهدف عقد جلسة لتسيير استحقاق الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها كأمر أساسي لتأمين حسن سير مؤسسات الدولة؟!

 

وتقول الاوساط بأنّدول الإتحاد الأوروبي قد حثّت أيضاً جميع الأطراف المعنية في لبنان على احترام استقلالية القضاء، والإمتناع عن جميع أعمال التدخّل، والسماح بتحقيق قضائي عادل وشفّاف في انفجار مرفأ بيروت، ولكن هذا الأمر عاد ودخل في الثلاجة، وقد لا يخرج منها مرّة جديدة. ولهذا تخشى هذه الدول اليوم من ألّا يتمكّن المسؤولون اللبنانيون من تحقيق ما يعدون به، الأمر الذي سيجعلها بدورها غير مستعدة لتقديم أي دعم مالي للبنان لتخطّي أزمته الإقتصادية والمالية والمعيشية غير المسبوقة.

 

وفي حال قرّر المسؤولون عدم إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في أيّار المقبل، فعليهم إذاً أن ينتخبوا رئيس الجمهورية المقبل على الأقلّ قبل هذا الموعد، لكي يتمكّنوا على الأقلّ من سدّ ثغرة الشغور الرئاسي، الذي هو أساس مهمّ لسدّ سائر الفراغات التي قد تحصل في البلاد تباعاً.