بينما تتّجه كل الأنظار إلى الإنتخابات الرئاسية ومحاولة استطلاع المدى الذي يمكن أن يصل إليه التقارب السعودي – الإيراني، خرق خبر إطلاق «التيار الوطني الحرّ» الماكينة السياسية الخاصة بالإنتخابات البلدية والإختيارية الركود القائم وطرح أكثر من علامة إستفهام عن مصير الإنتخابات البلدية والإختيارية التي من المفترض إجراؤها في أيار المقبل.
تحتاج عملية تحديد ما إذا كانت ستجرى الإنتخابات أو تؤجّل إلى «مبصّر مغربي» على حدّ قول أحد النواب، فوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يؤكّد جهوزية وزارته والأجهزة لإجراء هذا الإستحقاق، بينما الأجواء الآتية من السراي وعين التينة لا توحي بهذا الأمر، مع تسريب أخبار عن طلب عدد من الكتل الفاعلة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه برّي العمل لتطيير هذا الإستحقاق.
وبدأت حلقة الشغور تتّسع في البلديات، لكنّ لهذه الفراغات مخرجاً قانونياً وهو استلام القائمقامين أعمال البلديات المنحلّة، بينما أخطر نقطة تتمثّل في نهاية ولاية المخاتير من دون التمديد لهم من مجلس النواب، وهذا الأمر يُعرقل أعمال الناس ومؤسسات الدولة، لأنّ المعاملات معظمها تحتاج إلى «ورقة من المختار» وختمه ولا يوجد أي نص قانوني يتحدّث عن الفراغ في مركز المختار خصوصاً أنّ المختار يحلف اليمين خلافاً للمجلس البلدي.
ولكي لا يتفاجأ بإجرائها، باشر «التيار الوطني الحرّ» بإطلاق تحضيراته للانتخابات البلدية والإختيارية بعدما سبقه خصمه على الساحة المسيحية، أي «القوات اللبنانية»، إلى العمل منذ فترة وكأن الإنتخابات حاصلة في موعدها. ويأتي إطلاق الماكينة الإنتخابية في زمن انهيار غير مسبوق للعملة الوطنية وللواقع المؤسساتي، وأيضاً بعد الحديث عن موجة إنهيارات تضرب جسم «التيار البرتقالي» سببها إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وخلع «التيار» عن عرش تزعّم الساحة المسيحية وانهيار ورقة تفاهم «مار مخايل» التي كانت تمنحه قوة سياسية يصرفها على الساحة المسيحية، وعدم قدرة «التيار» على الإتكال على عضلات «حزب الله» كما حصل في الإنتخابات النيابية حيث منحه «الحزب» نحو 8 نواب.
وفي نظرة إلى الأسماء التي استلمت المهام والمسؤوليات في الأقضية والمحافظات، يتبيّن أن رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل أعطى تعليماته، ومن خلال نوعية الأشخاص الذين ملأوا المراكز، بالتعاطي مع هذا الإستحقاق بكل جديّة وعدم الإستخفاف به، خصوصاً أنه الإستحقاق الأول بعد انهيار التحالف مع «حزب الله»، ويريد من خلاله إظهار حجمه داخل الشارع المسيحي.
التحضيرات مؤشر
يتعامل «التيار الوطني الحر» مع الإنتخابات إن حصلت بتحضيرات على الأرض وربما تشكل تلك التحضيرات مؤشراً على ارتفاع نسبة حصولها لأنّ «التيار» حاضر بقوة في دوائر الدولة، وقد فرز أهم الكوادر البرتقالية لإدارة المعركة. وفي السياق، فقد سلّم قضاء البترون، مسقط رأس باسيل، إلى المهندس طوني نصر، ونصر معروف عنه قربه من رئيس «التيار» وله خبرة في البلديات من خلال تجربة 2016 الأخيرة، ويخوض باسيل معركة البترون البلدية وعينه على عدم خسارة إتحادها، وربما هذا الأمر يفسّر ترؤّس نصر ماكينة القضاء، علماً أن الأخير هو من بين الأسماء العونية الثلاثة البارزة المطروحة كما يتردّد لخلافة باسيل عن مقعد البترون في حال قرّر الأخير عدم الترشح في انتخابات عام 2026 كما أعلن سابقاً، إضافةً إلى كل من رئيس بلدية إده نجم خطّار ومسؤول ماكينة «التيار» الإنتخابية الدكتور سايد يونس إذا أراد باسيل تمثيل الجرد نيابياً في الدورة المقبلة.
ومن جهة ثانية، يُعتبر اختيار «التيار» كلاً من رئيس بلدية أميون السابق غسان كرم والذي ترشح كرافعة مع باسيل في الإنتخابات النيابية الأخيرة دليلاً على رغبة باسيل في تحقيق نتيجة بلدية في قضاء منحه في دورتَي 2018 و2022 نائباً على رغم عدم الحضور القوي لـ»التيار» فيه.
هذا بالنسبة إلى البترون والكورة، أما في العاصمة بيروت، فقد وقع اختيار «التيار» لترؤس الماكينة على النائب السابق أنطوان بانو صديق الرئيس ميشال عون، وهذا دليل على الإهتمام بالمعركة. لكن معركة بيروت تأخذ بُعداً طائفياً ومناطقياً، فقد أجمعت الأحزاب والقوى المسيحية بمعظمها سياسية وروحية، على استحالة الإكمال بانتخاب بلدية العاصمة بهذه الطريقة، ويتناغم موقف «التيار» مع بقية القوى المسيحية في هذه النقطة، إذ إن المناصفة مهدّدة، كما يُشكّل إنتخاب بلدية بهذا الشكل مقبرة للإنماء، لذلك لا بد من مراقبة المنحى الذي سيتّخذه ملف بلدية بيروت.
وبالصعود إلى جبل لبنان، يشدّد «التيار الوطني الحرّ» على أهمية معركة بعبدا برمزيتها، لذلك سلّم القيادي ربيع طرّاف المسؤولية مجدداً لأن للرجل خبرة ظهرت في الإنتخابات الماضية واستطاع تسجيل أفضل نتيجة، في حين منح النائب السابق روجيه عازار دوراً في إدارة معركة بلديات كسروان، ويراهن على القيادي هشام كنج في المتن لإحداث خرق فشل في تحقيقه في انتخابات 2016.
شكّلت إنتخابات 2022 النيابية أكبر نكسة لـ»التيار البرتقالي» في جزين، فخسر تمثيله، لذلك يحاول العودة من بوابة الإنتخابات البلدية ليثبت أن جزين ما زالت عونية، من هنا سلّم إدارة معركة جزين وصيدا إلى رئيس بلدية جزين ورئيس إتحاد البلديات خليل حرفوش، لكن هذا الأمر سيواجه برفض آل حلو كما حصل في الإنتخابات السابقة وربما لن يجد من يتعاون معه في العائلة إضافة إلى إصطدام حرفوش بصراع النائبين السابقين أمل أبو زيد وزياد أسود، ما يصعّب المعركة أكثر على حرفوش وباسيل و»التيار».
إذاً، هذه العيّنات تُثبت مدى إهتمام باسيل بمعركة الإنتخابات القادمة، وسط دخول هذه المعركة في بازار الصراعات السياسية، في حين يبقى السؤال الأبرز: هل ستُجرى الإنتخابات أو ندخل زمن الفراغ الشامل؟
رؤساء الماكينات
وفي ما يلي أسماء رؤساء ماكينات «التيار» في الأقضية:
بيروت الأولى والثانية: أنطوان بانو. البترون: طوني نصر. الكورة: غسان كرم. بشري: طوني متى. زغرتا: نجوى فرحات. المنية- الضنية: منير داوود. طرابلس: داني سابا. عكار: جوزف شهدا. البقاع الغربي- راشيا: غسان بو رزق. زحلة: طوني بو يونس. بعلبك الهرمل: عمار انطون. جزين- صيدا: خليل حرفوش. بنت جبيل- صور: حسام العميل. الزهراني: بشير طنوس. مرجعيون: سميح كرم. النبطية: ماهر باسيلا. الشوف: طوني عبود. عاليه: فادي حنا. بعبدا: ربيع طرّاف. المتن: هشام كنج. جبيل: أديب جبران. كسروان: روجيه عازار.