IMLebanon

منظومة الديكتاتورية والممانعة

 

 

تُسقط منظومة الديكتاتورية والممانعة في لبنان كلّ استحقاقٍ إنتخابيٍ، وتفضّل الفراغ والشغور والفوضى حتّى على ديمقراطيةٍ شكليةٍ، وقد أدّت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجرتها هذه المنظومة على مضض، إلى تشدّدها في منع أي انتخاباتٍ، ومن هنا أتى الشغور في رئاسة الجمهورية، ومن هنا سيأتي التمديد أو الفراغ في المجالس البلدية والإختيارية.

 

منظومة الديكتاتورية والممانعة في لبنان تفوّقت حتّى على الأنظمة التي تدعمها، حيث تجرى الإنتخابات على مختلف أشكالها وتكون نتائجها معروفةً لصالح من يمسكون بالسلطة والبلاد والعباد ولا مجال لما يعرف بالمعارضة إلا إذا كانت معارضة من داخل الديكتاتورية والممانعة، أي بين أهل البيت أو العائلة الواحدة، فلا تشكل خطراً على استمرارية هذه الأنظمة.

 

في لبنان منظومة الديكتاتورية والممانعة ما زالت تخشى ما تبقّى من ديمقراطيةٍ أو مظاهر لها، ولذلك تحاول، إمّا أن تكسب أي انتخاباتٍ بشتّى الطرق المشروعة وغير المشروعة، وإن لم تنجح عملت إمّا على تعطيل مفاعيل نتائج الإنتخابات بقوة الأمر الواقع، وإمّا عطلت الإنتخابات في شكلٍ كاملٍ وأخذت الاستحقاقات الإنتخابية رهينة لأهوائها السياسية التي تعمل على فرضها على المواطنين ولو كانت تتسبّب لهم بالضرر والكوارث.

 

هذه المنظومة التي تمسك بالحكم منذ اتفاق الطائف وطبّقته وفق مزاجها هي التي اغتالت الرئيس رينيه معوض، وهي التي أجرت الانتخابات النيابية في العام 1992 وتسبّبت في المقاطعة المسيحية لها، وهي التي أدارت كل الإنتخابات النيابية حتى العام 2005، وهي التي تسبّبت بالتمديد للرئيس الراحل الياس الهراوي والرئيس أميل لحود، وهي التي تسبّبت بالتمديد أكثر من مرّة للمجلس النيابي، وهي التي تسبّبت وتتسبّب بالشغور في رئاسة الجمهورية، وهي التي أزاحت بقوة الإغتيال العديد من المسؤولين والشخصيات وفي مقدّمهم الرئيس رفيق الحريري.

 

هذه المنظومة لم تتغيّر ولم تتبدّل ولا تزال قويةً وفاعلةً وجاهزةً لأيّ تحرك على أكثر من مستوى، ولم تكن فترات الضعف التي مرّت بها سوى فترات محدودة وقصيرة وكانت ناجمة عن سياسات قضت بالتراجع إلى الوراء خطوات تمهيداً للهجوم والتقدّم على حساب قوى لم تعرف حتى اليوم أن تنظّم صفوفها وأن تضع نصب عينيها أنّ إنقاذ لبنان لا يكون بالشعارات ولا بالوسطية ولا بالخلاص كيفما كان، بل بمواجهةٍ يملكون فيها الكثير من الأوراق الرابحة إن أحسنوا استخدامها.