للمرة الثالثة على التوالي تطير الانتخابات البلدية والاختيارية وستحسم الجلسة النيابية العامة التي ستعقد اليوم قرار التأجيل مع الترجيح أن يكون لمدة عام أي حتى نهاية أيار 2025، فأسباب التأجيل تعدّدت ولكن النتيجة واحدة تمديد إضافي للمجالس البلدية والاختيارية، وهذه المرة فان سبب الارجاء هو الأوضاع الأمنية والحرب الدائرة في جنوب لبنان، بعد أن تعذّر إجراء هذه الانتخابات في العام الماضي على حد ما أُعلن لعدم توفر الاعتمادات اللازمة وعدم جهوزية القوى الأمنية اقتصاديا ولوجستيا، في حين كان سبب تأجيل هذا الاستحقاق في العام 2022 لمصادفة موعده مع الانتخابات النيابية.
ويبدو ان خرق الدستور وعدم انتظام عمل المؤسسات، بات عادة في بلد اعتاد على إسقاط الاستحقاقات بدءاً من الرئاسة الأولى وصولا الى الشواغر في المواقع الإدارية والأمنية والمؤسساتية، في ظل حكومة تعمل بما تيسّر من حد أدنى مما يسمح لها الدستور، بعد ان باتت حكومة لتصريف الأعمال منذ قرابة السنة ونصف السنة.
مصادر معنية بملف الانتخابات البلدية تعتبر لـ«اللواء» ان عدم اللامبالاة والحماسة التي تبديها معظم القوى السياسية لهذا الاستحقاق والعمل على تطييرها مجددا رغم السبب المعلن هو الوضع الأمني، يدلّ في الحقيقة على خوف هذه القوى من إجراء هذه الانتخابات بعد تراجع تمثيلها في البلدات والقرى نتيجة أدائها السياسي منذ 2016 وحتى اليوم، على الرغم من الفراغ الكبير الذي يطال عدد من البلدات والقرى منذ فترة طويلة.
وتكشف المصادر الى ان عدد البلديات في لبنان يبلغ 1062 منها 34 مستحدثة أي أنشئت بعد العام 2016، بات عدد كبير منها في حكم المنحل و يديرها القائمقام المنطقة أو المحافظ، مشيرة الى ان المجلس البلدي يعتبر منحلا إذا فَقدَ نصف أعضائه على الأقل أو حُكم بإبطال انتخابه.
وإذ تلفت المصادر الى الواقع المتردّي لكثير من البلدات والقرى وحتى المدن الكبيرة في لبنان ان كان على المستوى الإنمائي أو على المستوى الخدماتي، تؤكد ان إجراء الانتخابات البلدية يبقى ضرورة ملحّة واستحقاق دستوري لا يحمل المزيد من التأجيل، معتبرة ان التمديد هذه المرة سيكون بمثابة تقصير جديد بحق عدد كبير من اللبنانيين وحقوقهم في التنمية على صعيد البلديات رغم دقة الوضع في المناطق الجنوبية.
وتؤكد المصادر على ان أي تأجيل يحصل لهذا الاستحقاق يعتبر غير دستوري وغير قانوني، وهذا الأمر لا يعتبر وجهة نظر بل هذا هو قرار المجلس الدستوري الذي صدر في العام 1997، والذي أبطل يومها قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، مما أدّى الى اضطرار الحكومة تنظيم انتخابات بلدية في العام 1998، في المقابل تعتبر ان كل قانون معرّض للطعن أمام المجلس الدستوري مع استبعادها قبول المجلس بذلك في حال قدم الطعن بقانون التمديد هذه المرة.
وعادت المصادر لتشدد على وجوب إجراء الانتخابات البلدية كل ست سنوات، لما للمجالس البلدية والاختيارية من دور هام وأساسي على الصعيدين الإنمائي والخدماتي، مشيرة الى ان الاعتبارات الحزبية والعائلية والخدماتية تعتبر أمر أساسي في هذه الانتخابات، إضافة الى النمط الطائفي الذي له تأثير في بعض القرى والبلدات، لأنها تعتمد على القانون الأكثري مثل انتخابات المهن الحرة والنقابات العمالية، بحيث تكون فيها الدوائر أصغر من الانتخابات النيابية باستثناء بيروت التي تشكّل دائرة واحدة.
من ناحيتها، تؤكد مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«اللواء» ان التأجيل سيكون سالكا وآمنا كما حصل خلال السنتين السابقتين حيث سيتم تأمين نصاب انعقاد الجلسة، وكشفت أنها كانت طلبت أن يكون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لفترة وجيزة، مشيرة الى ان الاقتراح الذي سيتم اقراره سيكون حتى نهاية أيار 2025 وانه عندما تسمح الظروف يمكن للحكومة الدعوة لإجرائها في الوقت الذي تراه مناسبا.
واستغربت المصادر عدم تقديم أي طلب ترشيح لهذه الانتخابات رغم دعوة وزير الداخلية الهيئات الناخبة الى الانتخاب وتحديد مواعيد إجرائها.
وعن موقف حزب «القوات اللبنانية» من رفضه التمديد ودعوته «التيار الوطني الحر» عدم مشاركته في هذه الجريمة، ترى المصادر بان موقف القوات ينبع من اعتبار ان مصلحتها تقتضي باجراء الانتخابات، لانها تعتبر ان وضعها بات أفضل شعبيا من التيار الذي خاضت معه الانتخابات في العام 2016 نتيجة التفاهم الذي كان بينهما، وأدّى هذا التفاهم للانسحاب على الانتخابات البلدية حينها، واضطر حزب القوات عندها الى تقديم تنازلات لصالح التيار.
وتأمل المصادر أن يكون التأجيل هذه المرة هو الأخير، خصوصا ان الأوضاع برمّتها لم تعد تحتمل المزيد من المماطلة في إنجاز أي استحقاق دستوري.
علما انه كما بات معروفاً فان لجنة المتابعة لنواب قوى المعارضة أعلنت عدم مشاركة كتل تجدد، الجمهورية القوية، تحالف التغيير، الكتائب اللبنانية، والنائب بلال حشيمي في جلسة اليوم المخصصة لتمديد ولاية المجالس البلدية، وشددت اللجنة على «رفض نواب قوى المعارضة تأجيل الانتخابات البلدية، ودعوة حكومة تصريف الأعمال الى إجرائها في موعدها، واستثناء المناطق الحدودية، لتوافر ظروف القوة القاهرة القانونية فيها، من جراء الحرب الدائرة فيها حاليا. واعتبرت انه على الحكومة مسؤولية احترام الاستحقاقات ومواعيدها، وهي مسؤولية دستورية لا يمكن تجاوزها.
واستنكر نواب قوى المعارضة «موقف رئيس مجلس النواب الذي أحلّ نفسه محل الحكومة في تقرير تأجيل الانتخابات، ضاربا بعرض الحائط مبدأ فصل السلطات، كما أحلّ نفسه محل باقي النواب وصادر مسبقا إرادتهم وموقفهم من التمديد للبلديات».
في المقابل، أكد «التيار الوطني» حضور نوابه جلسة اليوم وسيصوّتون للتمديد.
وعلم أيضا انّ النائب نعمة افرام لن يحضر الجلسة وذلك بداعي السفر. فيما سيحضرها النائبان حليمة قعقور وبلال بدر ولكنهما لن يصوّتا للتمديد، وكذلك النائب ميشال ضاهر الذي لن يحضر مع انه لا يؤيّد التمديد.
وأبلغ النائب أسامة سعد الى مجلس النواب أنّه سيغيب عن الجلسة لأسباب صحية، مؤكداً معارضته التمديد. فيما قال نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت انه سيشارك مصوّتاً ضد قرار التمديد.