ليس كافيا ان يدعو وزير الدخلية الى اجراء الانتخابات البلدية في شهر ايار المقبل وان اتخاذ الخطوات العملية والادارية من اجل قيام جهوزية كاملة على مستوى لبنان لتحقيق هذا الاستحقاق بالرغم من ان نهاد المشنوق سوف يعمل الى تقريب دعوة الهيئات الناخبة من شهر نيسان الى اواخر شهر اذار الحالي وترى مصادر نيابية ان التطورات خلال الاسبوع الجاري سوف تحمل في طياتها ملامح المشهد القادم.
ذلك ان التأخير في الاجراءات التنفيذية لقيام هذه الانتخابات يدعو الى الريبة وان كانت غير مستغربة عند البعض بحيث تعتقد بعض الاحزاب ان كل ما يجري على هذا الصعيد مجرد مشهد فاخر من الخارج ومضمون مهترئ من الداخل لا يقدم في المجرى العام لهذا الاستحقاق المرتبط بدوره بجملة من المحميات السياسية وتوزيع الادوار والاحجام جراء النتائج المترتبة على الجهات الفائزة والخاسرة على حدّ سواء.
وتقول هذه المصادر ان درب الانتخابات وسير عملها حتى الساعة لا يشجعان على ضمان اجرائها وفق معطيات ومعلومات متقاطعة وفق التالي:
اولا: تتقدّم الجهود الرسمية في البوح واستنهاض الهمم كما كان يحصل سابقا لاجراء الاستحقاق اذ تبدو الدولة نائمة في سبات عميق وكأنها تستند الى حصول امر ما تلقي اللوم عليه من اجل الهروب الى الامام حتى لا يتم فتح الباب نحو اجراء استحقاقات اخرى وفي مقدمها الانتخابات النيابية خصوصا ان اوضاع معظم اللاعبين غير مهيأة لوجستيا وعملانيا وماديا للدخول في معارك على امتداد الاراضي اللبنانية مع ما تحمله هذه المعارك من موجبات مادية لا غنى عنها وفق الطريقة اللبنانية. وكان على الدولة وفق هذه المصادر البدء بحملة اعلامية واعلانية من اجل تشجيع المواطنين على الذهاب الى صناديق الاقتراع، وهذا كله مفقود مما يعني وجود قطبة مخفية لا بد ان تظهر في لحظة ما ستشكل شرارة لإلحاق البلديات بالمقاعد النيابية الممددة تمديدا وراء الاخر دون ايضاح الاسباب الموجبة وعلى هذا الاساس كيف للدولة ان تقدم على اجراء الانتخابات البلدية والتي تحمل في طياتها الكثير من اسباب الكراهية بين البلدة الواحدة وحتى داخل كل حي وشقة وعائلة فيما المضي بالانتخابات النيابية يعطي الحق للدولة بالتمديد مع ان نسبة الاخطار اقل بين الناس والهيئات الناخبة مع العلم ان المواطنين الكافرين بهذه الدولة باتوا اقرب الى افتعال المشاكل بسبب او من دونه. وفي مختلف الاحوال فإن الناس معبأة بالعصبية والمذهبية والحزبية واي حادث يمكن ان يحصل داخل قلم اقتراع سوف يحمل في طياته تداعيات لا تقل ضررا عما تتوقعه الاجهزة الامنية من عمليات اطلاق نار او اعمال ثأر فيما الصورة المقابلة انه في الايام العادية وابتعاد لبنان عن تهديدات داعش كانت تقع مشاكل ربما تتطور حاليا مع بروز نزعة قتالية لدى معظم اللبنانيين الذين يسقط منهم قتلى وضحايا لمجرد خلاف على افضلية المرور.
ثانيا: لا تبدو الاحزاب السياسية انها تتعامل بجدية مع هذا الاستحقاق وواقع الارض يوحي بالبرودة الكاملة تجاه الاستحقاق البلدي مع بعض الاستثناءات في بعض القرى والمدن الكبرى، الا ان هذه المصادر تعتبر ان الاجواء السائدة لا توحي بنهضة بلدية وشعبية نحو التغيير ومن النادر جداً رؤية يافطة او اسم مرشح كما كان يحصل سابقاً وهذا ناتج عن خلفية الاعتقاد ان الدولة لم تحسن امرها لذلك فان اي سؤال يوجه للناس يضع الحيرة في نفوسهم بحيث الانفصام باد على الوجوه بين من يصدق ان الانتخابات قائمة او انها ستؤجل الى موعد اخر.
– ثالثاً: هناك احساس لدى بعض الجهات في الدولة ان الاتفاق بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يحمل في طياته علامات تغيير في نتائج المعركة البلدية وهذا الامر يشكل انزعاجاً لدى بعض الاحزاب التي ترى في هذه الثنائية استهدافاً لها، وبالتالي لا يمكن اعطاء القوات والتيار هذه الفرصة من اجل تغيير قواعد اللعبة على غرار الثنائية الشيعية بين حركة أمل وحزب الله، فيما يتطلع النائب وليد جنبلاط بالكثير من الريبة الى هذه الثنائية المسيحية وتأثيرها على نفوذه في مناطق الشوف بعد ان كان يشير بإصبعه الى اية شخصية لتتربع على عرش البلدية ما دامت تدين بالولاء له وهذا امر سوف يلحق به التغيير اذا ما حصلت الانتخابات البلدية. وتذهب هذه المصادر الى حد القول ان طراوة جنبلاط في ملف النفايات مرده الى وعود قد تلقاها على الصعيد البلدي مقابل فتح مطمر الناعمة، ومن يعرف سياسة جنبلاط جيداً يعي ان هاجس وصول رؤساء بلديات تابعين للقوات اللبنانية او التيار الوطني الحر واستتباعه بالانتخابات النيابية يخلق لديه اشكالية السيطرة الكاملة على الجبل والتي سوف يتم نزع قسم منها في بداية الامر تمهيداً لاعطاء الاحجام الحقيقية للزعامات السياسية هناك.
رابعا: ازاء هذا المشهد المرادف لشرح الواقع الحالي تجزم هذه المصادر ان احداً من الكتل النيابية او الاحزاب السياسية ليس بامكانه النطق بالدعوة الى تأجيل الانتخابات على خلفية تضرر صورته امام الرأي العام اللبناني بأكمله، الا ان هذه المصادر تقلل من نسبة هذا الضرر الذي اذا كان سيحصل لكان وقع من خلال تمديدين للمجلس النيابي دون ردات فعل تسقط الزعامات بل ان الناس قد تناست هذه الضربة بفعل انشغالها بالضربات المتتالية التي تقع على الرأس بدءاً بسرطنة لقمة عيشه وصولاً الى افقاره مع غياب المياه والكهرباء والبنية التحتية والضمانات الصحية واختراع الاوبئة التي تتم وفق قاعدة غب الطلب ناهيك عن فضائح السرقات ونهب المال العام ومشكلة شبكة الاتصالات الاسرائيلية.
هذا كله في عينة وما سيرد لاحقاً في عينة اخرى، اذ تؤكد هذه المصادر ونقلا عن اوساط عليمة ان استشارة رسمية وصلت الى مجلس شورى الدولة تسألها عن كيفية التعامل مع احتمال عدم اجراء الانتخابات البلدية، وهذه الاستشارة وصلت منذ اكثر من شهر الى شورى الدولة لابداء الرأي والاضاءة على بعض الحلول فكان رد مجلس الشورى الذي وصل الى من ارسله ان عدم اجراء انتخابات بلدية لا يعود الى عمل هذا المجلس الذي يبت بالطعون الانتخابية. لكن فحوى جواب مجلس الشورى يعطي بعض الطابع الديموقراطي او يتم العمل عليه ويتلخص بأن تبقى المجالس البلدية كما هي بواسطة قانون من مجلس النواب على ان تتم الانتخابات داخل المجلس البلدي الممدد له على منصبي رئيس ونائب رئيس فقط. لكن وفق هذه المصادر فان الاستشارة لم يتم نشرها وبقيت سرية حتى الساعة لانها تلحظ فقط حالة عدم التمكن من اجراء العملية الانتخابية. رئيس مجلس الشورى السابق القاضي غالب غانم حدد عمل المجلس بالطعون المقدمة اليه ولا علاقة له بتأجيل الانتخابات او اجرائها ولكن تقديم استشارة قانونية له ممكنة في هذا الاطار انما هذا يعني ان تعديلا في الرئاسة لمدة ست سنوات لرئيس البلدية قائم بطرح الثقة به بعد مرور ثلاث سنوات فقط اذا حصلت.