فيما نجحت بيروت في تحديد شكل ومحتوى مجلسها البلدي المنشود، لوحظت زحلة في ابشع صراع على مجلسها البلدي، يكاد يشبه صراع الديكة، حيث لكل جهة مرشحها بمعزل عمن بوسعه ان يفيد المدينة اكثر من سواه، خصوصا في مجال الانماء والاعمار والنظرة المستقبلية الى ما يجب ان تكون زحلة فيه، لاسيما في زمن البحث عن الافضل بعيدا من المصالح الشخصية والانية التي تمثلت في ثلاث لوائح كان بالامكان جمعها في لائحة واحدة لو صفت النيات، بالنسبة الى ما هو مرجو من العمل البلدي الانمائي والاعماري، خصوصا ان مدينة مثل زحلة تحتاج الى الكثير من الخدمات التي تلبي مصالح انسانها والمصالح العامة للمدينة؟!
واذا سلمنا جدلا بأن عاصمة البقاع تتطلب الكثير من الشؤون التي تراعي تقدمها الانمائي والاعماري والخدماتي، لابد وان نتساءل عن حقيقة المنحى الذي تسير فيه اللوائح الثلاث، لتبين لنا صراحة ان وراء كل لائحة محاولة لخوض المزيد من الصراعات والصالح الشخصية، مع العلم صراحة ان من بين المنضوين الى لوائح المرشحين للانتخابات البلدية خامات جيدة يمكن ان تعطي الكثير في حال اجتمعت مع مثيلاتها وابتعدت في المقابل عن كل ما من شأنه ان يشكل استفزازا عائليا ومناطقيا واضح لتوجهاتهم بالاسم والعنوان والشكل والصورة (…)
ما يثير التساؤل في هذا المجال ان الاحزاب تخوض غمار معركة الانتخابات البلدية في مواجهة بيوتات سياسية تقليدية يخشى معها ان تضع الصراع في لا مجال لكلام ايجابي عنه وعليه، لاسيما بالنسبة الى لائحة الكتلة الشعبية التي ترعاها ارملة الوزير السابق الرحوم الياس سكاف، اضافة الى لائحة اخرى مماثلة، برعاية النائب نقولا فتوش واسرته الفضفاضة في اموالها وسلطتها ومعارفها وخدماتها، فيما اللائحة الثالثة تمثل نواب المنطقة من احزاب وسياسيين ناشطين في مجال الخدمة العامة من غير حياة الى القول ان هؤلاء افضل من سواهم مع العلم ان الصراع السابق بينهم كان يباعدهم عن الموقف السياسي والمجتمعي الواحد؟!
المهم انه في حال نجحت لائحة النواب السياسيين ان لا يكون فوزها على حساب اللائحتين السابقتين والعكس صحيح حيث لا بد وان تكون خسارة لائحة السياسيين شكا في شرعية من سيفوز عليها وعلى الفريق الاخر، وهذه المعادلة لا بد من اخذها في الاعتبار في حال جاءت النتائج مخيبة لامال هذا الفريق او ذاك. وهذه المعادلة لا بد وان تنطبق على احوال ومجالات مختلف اللوائح ذات الطابع السياسي والشعبي، حيث لا يعقل القول ان من خسر هو مثل من فاز طالما ان النتيجة لن تكون واحدة بأي شكل من الاشكال؟!
هذه المعادلة لا بد من اخذها في الاعتبار لان بعض اللوائح محسوبة على شخصيات رسمية ذات فاعلية ومن الصعب عندها القول ان خسارتها لن تؤدي الى نتائج سلبية على صعيد عمل اللائحة الانتخابية الرابحة او الفائزة. من هنا يفهم من نتائج المعارك البلدية ان من الواجب الابتعاد بها عن العمل السياسي الصرف الا في حال كانت النتيجة ستحسب من ضمن الايجابيات الواجب ان تتوفر في خلاصة العملية الانتخابية التي تحتم القول ان هذا قد فاز لهذه الاسباب وان ذاك قد خسر لاسباب معروفة ايضا من شأنها عدم تحديد ماهية العمل البلدي المستقبلي.
وعندما يحدد الموضوع البلدي في سياق الانتخابات المرشحة الحصول يوم الاحد المقبل او الاحد الذي يليه، نكون على معرفة بأن بعض من سيفوز قد اتكل على حزبه وعلى السياسيين الذين يحددون له مجال عمله، والامر عينه ينطبق على بعض من سيخسر المعركة لانه لم يعرف كيف يختار المظلة السياسية التي تغطيه، وفي الحالين من الواجب والضروري القول انه كان احتكام الى صوت الناخب الذي قد يكون مشتتا في اختياره لاسباب لا علاقة لها بالانماء والاعمار والخدمات العامة. وهذا ينطبق بدوره على من يكون قد عرف كيف ينظر الى هذا المرشح او ذاك (…)
وفي المقابل لا بد من كلام مماثل عن اللوائح البلدية التي ستخوض الانتخابات في كل من طرابلس وصيدا وجونية والنبطية، حيث هناك قناعة بالذين سيترشحون او اولئك الذين يعرفون من يرشحهم حيث لا بد وان تختلف النتيجة بنسبة كبيرة، لاسيما من جانب اللوائح التي يستحيل على احد ان ينافسها جراء الضخ الحزبي والسياسي الذي يجري في عروق اركانها، وهؤلاء اكثر من الهم على القلب طالما ان النتيجة المرجوة من وصولهم الى بعض البلديات قائمة على اساس انتماء سياسي حزبي وليس اي شيء اخر (…)
في النتيجة تبقى الخلاصة في حرية تعبير الناخب عن وجهة نظره ولا علاقة لذلك بأية نتيجة محتملة، الا في حال كانت تجربة ناجحة لمشروع بلدي قائم ومجرب في مطلق الاحوال؟!