لا أحد مقتنع بأن الانتخابات البلدية ستجرى في موعدها في أيار المقبل. لكن تيار المستقبل «يغتنم» المناسبة في محاولة لجس النبض الشعبي بعد سنوات من التراجع في البقاعين الغربي والأوسط، وقياس مقدار الخسائر التي راكمها بين جمهوره منذ 2009
«عاصفتان» شهدتهما منطقة البقاع في الأيام الماضية. الأولى أثارها الوزير السابق عبد الرحيم مراد عندما جهّز «جيشاً» من المتطوعين مجهّزين بالآليات والمعدات، حالوا دون وقوع أهالي القرى الجبلية أسرى ثلوج العاصفة «تالاسا»، وكشفوا عن هشاشة الحضور الخدماتي لتيار المستقبل ولمؤسساته الاجتماعية في المنطقة.
أما «العاصفة» الثانية فـ»انتقادية» للنائب المستقبلي زياد القادري لإقامته حفلة زفافه في أحد فنادق بيروت، بعيداً عن منطقته، ومن دون دعوة أيّ من فعالياتها!
«العاصفتان» كشفتا حجم الإرباك الذي يعانيه تيار المستقبل ونوابه وقياديوه مع جمهورهم في هذه المنطقة التي تعدّ أحد خزّاناته البشرية. وهو إرباك لمسه الأمين العام للتيار أحمد الحريري في زيارات سابقة للمنطقة، حين سمع انتقادات لإغلاق التيار حنفية الخدمات منذ سنوات، وللأداء غير المرضي للنواب «الزرق»، وللخفض المتلاحق للسقف السياسي، بدءاً من الحوار الثنائي مع حزب الله وليس انتهاءً بدعم الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
لذلك، يحاول المستقبل الاستفادة من «أجواء» الانتخابات البلدية، بصرف النظر عمّا إذا كانت ستجرى في موعدها المفترض في أيار المقبل أو لا، لـ»تحفيز المنسّقين وإحداث تعبئة سياسية وتحريك مياه الشارع الراكدة وقياس إمكانياتنا الشعبية، وتزييت الماكينة الانتخابية بعد طول توقف»، بحسب أحد قياديي المستقبل. ويوضح أن «الأجواء الانتخابية ــــ حتى لو لم تجرِ الانتخابات في موعدها ــــ فرصة لإعادة التواصل مع القواعد الشعبية بعدما أصابت التصدعات والترهّل هذه العلاقة نتيجة الاخفاقات السياسية والشح المالي»، لافتاً الى أن الحديث عن الانتخابات «يحفّز الجميع على العمل والتنافس، أما الاحساس بالتمديد فيحدث فراغاً وكسلاً في الحياة السياسية والانمائية، وهذا ما أدى إليه التمديد للمجلس النيابي حيث غاب النواب عن القواعد الشعبية».
وبالفعل، دبّت الحياة في الأيام الماضية في صالونات فعاليات البقاعين الغربي والأوسط، ونشطت حركة المفاتيح الانتخابية مع اقتراب الموعد «المفترض» للانتخابات، خصوصاً في القرى التي ينشط فيها تيار المستقبل، من دون أن تغيب الانتقادات اللاذعة للتيار الحريري. ففي بلدة مجدل عنجر انطلق النقاش الانتخابي بالهجوم على وزير الداخلية نهاد المشنوق ومنسّق التيار في البقاع الاوسط أيوب قزعون لمحاولتهما إجراء مقايضة مع أهالي البلدة بإقامة مطمر للنفايات في منطقة المصنع في مقابل إعطاء رئاسة اتحاد بلديات البقاع الاوسط لرئيس بلديتهم سامي العجمي.
وفي قب الياس، التي فقد فيها المستقبل أبرز وجوهه بوفاة رئيس بلديتها فياض حيدر، تلوح نذر معركة حامية قد تكشف مدى تراجع التيار في صفوف جمهوره. وقد بدأ قزعون اجتماعات مع الوجهاء للاستفسار عن بعض الاسماء التي يمكن أن تستقطب كافة الاطراف السياسية والطائفية، وخصوصاً العشائر العربية. أما في بلدة المرج في البقاع الغربي، فقد عقد النائب جمال الجراح اجتماعاً لفعاليات عائلته، وهي من كبريات عائلات المرج، تمنى خلاله عدم ترشيح أيّ من أبناء العائلة، ودعم مرشح المستقبل رئيس بلدية المرج الأسبق عماد الشموري. وهذا ما رأى فيه متابعون محاولة لإرضاء العائلات الاخرى وكسر الجليد بينه وبينها، وقطع الطريق على منتقدي أدائه النيابي.
على الضفة الأخرى، يؤكد قيادي في حزب الاتحاد، الذي يرأسه مراد، أبرز خصوم تيار المستقبل في القرى ذات الغالبية السنية، أن الحزب يسعى الى ألا تتسبّب الانتخابات البلدية في إحداث خصومات جديدة بعدما تمكّن «أبو حسين» من «إنهاء الخصومات مع العديد من فعاليات القرى المحسوبين على جمهور المستقبل». وأكّد المصدر: «لن نوفّر جهداً لإرساء مجالس بلدية جديدة متوافق عليها بين الجميع».