Site icon IMLebanon

معارك بلدية على ضفاف الركود الرئاسي الطويل

على وقع «الجلسة الفاشلة» لإنتخاب رئيس للجمهورية التي لن تكتمل اليوم، تبدو الصورة أقرب الى توقّع فراغ طويل في الموقع الرئاسي.

الكلام الذي قاله الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله لا يُضيف الى المشهد الرئاسي سوى المزيد من الانتظار، إذ لم يعد التمترس خلف ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون مقنعاً للقول إنّ «حزب الله» لا يُعطّل الانتخابات الرئاسية، كما أنه ليس مقنعاً لتفسير عدم مبادرة الحزب الى الدعم الفعلي لعون، والى تركه يصارع تحالفاً موجّهاً ضده من حلفاء الحزب ومن الرئيس سعد الحريري.

فموقف «حزب الله» الذي يقول إنه سيبقى داعماً لعون طالما استمرّ في ترشيحه للرئاسة، يعني رمي الطابة في ملعب الجنرال، كما يعني الإيحاء بأنّ المشكلة تكمن في ترشيحه، وبأنّ الحلّ يبدأ بانسحابه ولو بقرار منه من السباق الرئاسي، وفي انتظار ذلك سيبقى تمترس الحزب قائماً، طالما لم ولن يدفع من جيبه ثمن الفراغ.

في المقابل، لا يتوقع ممَّن رشحوا العماد عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية التراجع عن هذا الترشيح، فالرئيس سعد الحريري الذي أوفد النائب السابق غطاس خوري الى معراب في مهمة ترميم «14 آذار»، أكد المؤكد لجهة الاستمرار في ترشيح فرنجية، فيما تمسّك رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بترشيح عون، وعلى فرض أنّ كلاً من الحريري وجعجع يتناوب، في محاولة إقناع الآخر بسحب تأييده لمرشحه، فإنّ ذلك أصبح متعذراً، فلا الحريري في وارد العودة عن دعم فرنجية، ولا جعجع في وارد العودة عن دعم عون، ولكلّ منهما أسبابه.

بالنسبة إلى الحريري، فإنّ خطوة ترشيح فرنجية أحرَجت «حزب الله»، وخلقت ثغرة بين حلفائه، وهذا الترشيح هو نموذج يُقصد به حشر الحزب في زاوية ضيّقة، كما أنّ هذا الترشيح لن يكون الاخير إذا ما انسحب فرنجية، فهناك اسماء أخرى جاهزة للتداول في حال حصل هذا الانسحاب بضغط من «حزب الله»، وهي أسماء كان يُفترض بالحريري طرحها قبل أن يختار فرنجية.

أما بالنسبة إلى جعجع، فالتراجع عن تأييد عون لم يعد وارداً، خصوصاً بعدما نجح في كشف الورقة المستورة لـ»حزب الله» التي بيّنت أنه لا يخوض معركة فعلية لإيصال عون الى بعبدا، ومع أنّ ترشيح عون أدّى الى تعطيل أو تأخير انتخاب فرنجية الى حين، فإنّ الوقوف خلف هذا الترشيح، يفتح الباب أمام ترتيب تحالف طويل الأمد مع «التيار الوطني الحر»، سوف يبدأ بالانتخابات البلدية ولن ينتهي بالتحالف في الانتخابات النيابية المقبلة.

تراجع الحريري عن ترشيح فرنجية يُعزّز فرص عون، وتراجع جعجع عن ترشيح عون يأتي بفرنجية، وهكذا دواليك، لذا من المتوقع أن تستمرّ الحلقة المفرغة في الدوران، خصوصاً مع تعذّر محاولة الرئيس نبيه برّي إقناع «حزب الله» بالذهاب الى انتخاب فرنجية، وستكون هذه المحاولة الاخيرة قبل الدخول في الركود الرئاسي الطويل.

في كلّ الاحوال، لا يُتوقع أن تتغيّر خطوط العلاقات والتحالفات جذرياً داخل قوى «8 و14 آذار»، فربط النزاع قائم داخل الفريقين كمعادلة فرضتها الترشيحات الرئاسية، لكنّ ذلك ربما لا يبقى قائماً إذا ما أُجريت الانتخابات البلدية التي ستشهد وخصوصاً في الساحة المسيحية، إعادة فرزٍ للتحالفات، لا سيما أنّ الثنائي المسيحي المستجد، يستعدّ لخوض معارك كسر عضم مع مَن «يتجرّأ» على مواجهته، وسيكون لأقضية جبل لبنان النصيب الأكبر من هذه المعارك البلدية، كما لبعض المناطق مثل زحلة وجزين ودير القمر وغيرها، معاركها ايضاً، وتكمن أهميّة المعركة البلدية في كونها بروفة أوّلية لموازين القوى التي تسبق الانتخابات النيابية التي ستجرى مبدئياً سنة 2017.