تتحضر عائلات مدينة المنية الشمالية، لإعادة انتخاب مجلس بلدي جديد، بعد أن حُل المجلس القديم منذ قرابة السنة، إثر صراع سياسي كبير بين تيار المستقبل وحليفه السابق النائب السابق كاظم الخير. هذا الصراع أدى إلى انفراط العقد البلدي، بعد أن توجه الأعضاء المحسوبون على المستقبل إلى الاستقالة، في خطوة أتت لمنع وقوع البلدية في الشرك الذي نصبه لهم الخير. فانتخابات نصف الولاية كانت ستؤدي إلى خسارة المستقبل، بعدما تمكن الخير ورئيس البلدية السابق ظافر زريقة من تأمين النصف زائد واحد من أعضاء المجلس.
الاصطفاف السياسي الأخير استُتبع بتثبيت التحالف بين عائلتي الخير وزريقة. أما المستقبل، فقد شهد حالة من التخبط في تسمية مرشحيه. إلا أن المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» تشير إلى أن النائب المستقبلي عثمان علم الدين استطاع أن يفرض اسم مرشحه لرئاسة البلدية من دون الرجوع إلى تيار المستقبل. وكشفت التفاصيل أن علم الدين لم يقبل منذ اللحظة الأولى المساومة على تسمية الرئيس، وهدّد بالانسحاب من دعم اللائحة إذا لم تكن وفق تطلعاته ورغباته». وأكّدت مصادر على صلة بالتيار الأزرق لـ«الأخبار» أن «علم الدين عاد وفرض إعادة تسمية عماد مطر كمرشح لرئاسة اتحاد بلديات المنية، بعدما كان المستقبل يناور للتخلي عنه واستبعاده من لائحته».
اللوائح المتنافسة بدأت تتوضح. والمفارقة الأساسية في هذه الانتخابات أن عائلة زريقة عادت لتلعب دوراً أساسياً في تركيب اللوائح، بعد الإقبال اللافت من قبل الأقطاب السياسية في المنطقة لإعلان اسم مرشح من العائلة، إما ليكون مرشحاً لرئاسة بلدية المنية أو ليشغل منصب رئيس اتحاد بلديات المنية، وعلمت «الأخبار» أن تيار المستقبل كان يسعى جاهداً لتسمية مرشح من آل زريقة ليشغل رئاسة الاتحاد إلا أنه فشل في ذلك.
وكشفت مصادر لـ«الأخبار» أن التوجه في دعم أي شخصية من عائلة زريقة لرئاسة البلدية، يكمن في إزاحتها من المنافسة في الانتخابات النيابية المقبلة، خصوصاً أنه تم تثبيت عرف في المنية، بات يملك قوة القانون أنه «لا يحق للعائلة الواحدة أن تشغل في آن واحد منصبين: نائب ورئيس البلدية (أو رئيس اتحاد البلديات)». هذا الأمر يُبقي المنافسة النيابية محصورة بين عائلتي علم الدين والخير (بشخص النائب الحالي عثمان علم الدين والسابق كاظم الخير). ولن يتقدم أي مرشح من العائلتين لرئاسة البلدية، وبذلك بقيت الأولوية لعائلة زريقة لقطع الطريق أمامها في تسمية مرشح نيابي.
أما في ما يخص اللوائح، فالتوجه هو لتشكيل ثلاث لوائح: الأولى مدعومة من تيار المستقبل والنائب عثمان علم الدين، والثانية فهي نسيج من التحالف بين النائب السابق الخير وعائلتي زريقة والدهيبي، أما اللائحة الثالثة فستكون غير مكتملة وتمثل «المجتمع المدني» وبعض المرشحين المستقلين.
وبحسب المعلومات، فإن المنافسة الأقوى ستكون على منصب نائب الرئيس، والذي يفترض أن يكون من منطقة النبي يوشع (تتمثّل بـ5 أعضاء في مجلس بلدية المنية المؤلف من 21 عضواً. وباتت المنافسة تنحصر بين مرشحين: علي محيش (عن المستقبل) الذي أعيدت تسميته لمنصب نائب الرئيس، بالرغم من معارضة شخصيات محسوبة على المستقبل لذلك. أما في المقلب الآخر، فإن المنافس الجدي لمحيش سيكون المرشح مصطفى حسن الدهيبي، والذي ينطلق من كون عائلته تُعد الأكبر في النبي يوشع بقرابة 1100 صوت.
أما منصب رئيس البلدية، فقد بات أكيداً أن «المستقبل» لن يعيد تسمية حليفه عماد مطر (اتفق مع التيار الأزرق على ترشيحه لرئاسة اتحاد البلديات)، بالرغم من أن التيار هو من أوحى له بالاستقالة بعد فوز ظافر زريقة في جلسة «نصف الولاية». وبدلاً من مطر، حسم المستقبل اسم المرشح حسام ملص الذي تتلهّف عائلته لشغل منصب رئيس بلدية المنية لأول مرة. أما في اللائحة المنافسة، فقد حسمت عائلة زريقة اسم مرشحها، بعد اتفاق جرى في ما بين وجهائها أفضى إلى تسمية سامر زريقة مرشحاً لمنصب الرئيس، ومحمد زريق عضواً في اللائحة.
أما اللائحة الثالثة غير المكتملة، فتشير التوجهات إلى فشل أعضائها في تسمية رئيس، خصوصا أنها تنطلق من عدة تجمعات تطلق على نفسها صفة الاستقلالية، لكنها تتنافس في ما بينها، ولها ولاءات سياسية معروفة، وهو ما يعزز من فرص انفراط اللائحة المدعومة من المجتمع المدني.
ما بات مؤكداً أن مدينة المنية ستشهد معركة بلدية طاحنة، ستنتهي مفاعيلها في إعادة التموضع السياسي لعدد من العائلات، وكشف الأرقام الانتخابية تحضيراً للمنازلة المرتقبة بين تيار المستقبل والنائب السابق كاظم الخير في الانتخابات النيابية المقبلة.