لم يقتصر الفساد والهدر على الوزارات والإدارات العامة، انما تفاقم متخذاً أشكالاً متعددة في البلديات واتحادات البلديات، فالهدر والسرقة ليست فقط في المشاريع الإنمائية والمصاريف بل وصلت إحدى فذلكات رؤساء البلديات والكتاب لأن يتلاعبوا بأتعاب العمال، والأجراء المياومين مستغلين ثقة أعضاء المجالس البلدية بالرئيس فيوقعون من دون تدقيق بالأرقام، وكذلك الحال في المحافظة التي تصادق على المحاضر من دون تدقيق.
ففي بلدية حزرتا في البقاع الأوسط والتي هي عضو في اتحاد بلديات قضاء زحله (تتألف من خمسة عشر عضواً) ونالت ثقة أهالي البلدة بالأكثرية نتيجة إئتلاف الثنائي الشيعي “حزب الله” و”حركة أمل” بلائحة “الوفاء والتنمية”، تم التوافق على رئيسها الدكتور حسين أبوحمدان المحسوب على “حزب الله”، واربعة عشر عضواً مناصفة بين الحركة والحزب. لتتم لاحقاً استقالة ثلاثة أعضاء منها لعدم انسجامهم مع الرئيس. ينتقد أهالي البلدة عمل بلديتهم بدءاً من طريقة إنزال “الثنائي” أسماء أعضاء البلدية عليهم كـ”الباراشوت”، فتأتي انتقادات بعضهم اليوم بعدما طفح الكيل ولم تلتفت قيادات الأحزاب الى تجاوزات البلدية في العديد من المشاريع وآلية العمل، ورفضها أعطاء المستندات والمقررات التي يحق لأي ناخب من البلدة المطالبة بها، بموجب المادة 45 من قانون البلديات.
وبعدما ردت البلدية طلب المواطن إبن البلدة حمدان أبوحمدان الإطلاع على القرارات يؤكد الأخير تورط البلدية بمخالفات لا تريد اطلاع الرأي العام عليها. ومن خلال المستندات التي حصلت عليها “نداء الوطن”، تظهر المخالفة وتوقيع الأعضاء على المحاضر من دون التدقيق فيها، وهذا مثبت ايضا بموجب تسجيلات صوتية لعدد من الواردة أسماؤهم والمفترض أنهم عمال مياومون نفوا أن يكونوا عملوا في البلدية أو أن يكونوا تقاضوا أجراً.
وبالتدقيق في لوائح أسماء العمال المياومين يتبين أن غالبيتهم عمال وهميون تم وضع أسمائهم من دون أن يحضروا كما وتم استعمال إسم شخص متوف، وذلك بهدف اتمام المبلغ المدون في الفاتورة التي وقعت في محضر اجتماع المجلس البلدي.
لم يترك المواطن حمدان أبو حمدان آلية وطريقة لإظهار مخالفة البلدية ومحاسبتها الا واعتمدها، بدءاً من الشكوى في المحافظة والتي بحسب ما أبرزه أعطته الحق في الاطلاع على المقررات، ولم تصل لأن تتثبت المخالفة فلجأ الى التفتيش المركزي الذي لا تخضع البلديات لسلطته، وأخيراً لجأ الى النيابة العامة المالية.
قال حمدان أبو حمدان “النفوذ والغطاءات السياسية تمنع وصولنا الى حل وليس لعدم تورط البلدية في المخالفات”، وتابع مفنداً بالأرقام “إستطعت أن أحصل على المستندات من أحد أعضاء المجلس البلدي، في البداية حصلت على مستند كانت السرقة والمخالفة واضحتين فيه، وعندما علموا انني حصلت عليه غيروا المحضر وبدا أيضاً مختلفاً كلياً والارقام فيه غير صحيحة. خلال التزوير لم يفلحوا بدقة وقد بان الارتباك حيث تم وضع 18 يوماً للعامل الوهمي حسين عباس شومان وأجرة يومية 45000 ل.ل. ليصبح المجموع 810000 ل.ل. والمطلوب فقط 800000 وليصبح المجموع الاجمالي عن طريق الخطأ، ولأن المزوّر مرتبك جداً، 8100000 بدلاً من 8010000 فيما تفقيط المحضر فقط ثمانية ملايين ليرة لبنانية لأن القرار بهذه القيمة بدون زيادة أو نقصان”.
يضيف شارحاً أنه لجأ الى المحافظة وقدم شكوى للحصول على قرارات المجلس البلدي بعد منعه من قبل رئيس البلدية، وبعد تحويله من قبل المحافظ الى وزارة الداخلية التي حولته بدورها الى الادارة المختصة، التي اعتبرت قرار البلدية مخالفاً لقانون البلديات “واعطتني الحق باستلام القرارات البلدية”، إلا أن البلدية أصرت على عدم اعطاء القرارات، كما لجأت الى التفتيش المركزي وتقدمت بشكوى، وبسبب الروتين الاداري لم يبدأ التحقيق بعد لوجود نقص في الموظفين”.
بعد مراجعة القضاء المالي، طلبت القاضية مراجعة العديد من الجداول، حينها لاحظت الكثير من الأسماء الوهمية المدونة في المحضر ويتم اقتطاع مبالغ شهرية بأسمائهم “تأكدت أن هؤلاء الأشخاص لا يعملون بتاتاً في البلدية، بل وعمدت الى الاتصال بغالبيتهم فأكدوا لي أنهم لم يعملوا في البلدية أبداً، هناك ايضا أسماء لأشخاص متوفين وآخرين موظفين رسميين”، وكشف أنه اخذ اعترافاً لعضو البلدية وأمين الصندوق السابق محمد أحمد موسى الذي أكد “وجود جداول وهمية وأنّ موظفي المياه رضا أبو حمدان يتقاضى 100000 ل.ل. وأحمد إبراهيم أبو حمدان 50000 ل.ل.شهريا ما يعني ان الجداول مجرد ارقام مختلفة عن الواقع”.
وهناك جدول آخر بأسماء عمال وهميين، وأضيف إلى الأسماء التي اعتمدت في الجداول السابقة اسم سابع وهو المواطن خضر علي شومان والذي لا يعمل بتاتاً بحسب ما صرح وهو مقيم في النبي شيت، وبذلك أصبح هناك سبعة عمال وهميين ليصبح حجم السرقة 6940000 ألف ليرة لبنانية.رئيس البلدية
وفي اتصال معه نفى رئيس بلدية حزرتا حسين أبو حمدان لـ “نداء الوطن” وجود مخالفة مالية في البلدية، مستنكراً اتهامه بالسرقة، وقال “ان عدم اعطاء حمدان أبو حمدان الموافقة للاطلاع على المقررات والمستندات لأن وراء ذلك فتنة بين أبناء البلدة، وليس له الحق بالمطالبة بالمال العام، لأنه يعمل نكاية بالأحزاب، حتى أنه شن حملات تشهير على شبكات التواصل الاجتماعي، ولم نرد عليه حرصاً على الشأن العام. اشتكى في المحافظة والكل يعرف من هو المحافظ كمال ابو جودة ونظافة كفه وعصاميته، واخذ كل المستندات ودقق فيها، أيضاً ذهب الى التفتيش المركزي وبعدها الى النيابة العامة المالية، وطلبوا البلدية ولم يثبت أي خلل لا من قريب ولا من بعيد. وختم “المحافظ أنصفني وكذلك التفتيش المركزي، والنيابة العامة المالية أيضاً ستنصفني قريباً لأن ليس في ملفنا أي مخالفة”.