«اللقاء الوطني التضامني» الذي دعت اليه الاحزاب الوطنية والتقدمية «دفاعا عن لبنان وجيشه ومقاومته وحفظا للسيادة والكرامة الوطنية» والذي انعقد في فندق «الكومودور» في الحمراء – رأس بيروت لم يختلف في الشكل والمضمون عن لقاءات سابقة، فالاشخاص انفسهم، والوجوه تتكرر، والاسماء من الصف الثاني والثالث، فغاب الصف الاول، وهو ما افقد اللقاء اهميته السياسية والشعبية ولم يتم التفاعل معه سياسيا وشعبيا واعلاميا، ولم يشكل حدثا سياسيا كما توقع الداعون له.
فهذا اللقاء لم يختلف عن الاجتماع الدوري للاحزاب الداعية اليه وكان يمكن ان يكون مناسبة لاعادة تنظيم قوى 8 اذار، الا انه كان شبيها «بسوق عكاظ» وفق مراقبين تابعوا الكلمات التي ألقيت لحوالى 30 شخصية، استنسخوا العبارات والتحليل السياسي ليخلصوا الى تأكيد المؤكد ان «حزب الله» هو مقاومة.
كان على اللقاء وفي يوم 8 آذار والذي غابت عنه شخصيات سياسية بارزة ان يتحول الى حالة استنهاض «لقوى المقاومة والممانعة» لجهة تقديم خطاب سياسي موحد، اذ ان الخلاف بين هذه القوى حول قضايا ساخنة من سوريا الى اليمن فالعراق وقراءة اطراف في 8 آذار لها ما خلق شرخا داخلها، فخرج رئيس «حزب الاتحاد» بموقف سياسي من موضوع اليمن الى العلاقة مع السعودية وضرورة الالتزام بالاجماع العربي والعودة الى حضن العروبة كمرجعية تخفف من الاحتقان المذهبي والصراع السني – الشيعي، لكن ما يعبر عنه مراد يعتبره حلفاؤه في 8 آذار انه اصبح «خارج الخط السياسي» حيث انقسمت الاحزاب الوطنية والتقدمية حول النهج الذي يسلكه رئىس «حزب الاتحاد» الذي غاب عن اللقاء الوطني ولا يحضر مندوبه اجتماع الاحزاب وفق مصادر حزبية تشير الى انه قدم «مصالحه الخاصة» على «قناعاته السياسية» حيث فضّل الاحتفاظ بمؤسساته التربوية من خلال تقديم تنازلات سياسية لوقف تحريك ملف «جمعية النهضة الخيرية الاسلامية» المسجلة باسمها هذه المؤسسات والتي تعتبر اوقافا وان مراد متول عليها، ويجب وقفه عنها وهو ما شكّل ضغطا ماديا ومعنويا على مراد، وفق هذه المصادر التي ترى ان 8 آذار تتخبط كما 14 آذار ولكن لا بدّ من التوقف عند الوضع الذي وصلت اليه، الاحزاب الوطنية الحليفة للمقاومة التي تواجه هجمة كبيرة عليها واجراءات من دول عربية تعمل لمحاصرتها، وكان على القوى الحليفة كلها ان تجتمع حول المقاومة لا ان تكون في موقع اخر تقول المصادر الحزبية التي لا تبرر لمراد ما فعله وان كانت تنظر في تبريراته التي يقدمها ويستعرض ما يتعرض له من ضغوط.
فالشرخ السياسي يسود قوى 8 آذار، وان اللقاء الوطني التضامني، كشف عنه سواء لجهة الحضور الذي لا يمكن الا التوقف عنده اذ كان خجولا سياسيا، قياسا على حجم الهجمة التي تتعرض لها المقاومة والحملة على الجيش ووقف تسليحه، واستكمال الاجراءات التأديبية، بحق «حزب الله» الذي وبحسب المصادر يتطلع الى دور افعل لحلفائه، وان لا يطلب منهم شيئا وهو ما عبّر عنه السيد حسن نصرالله وان بعض الاحزاب والتيارات والحركات، لم تقصّر بالوقوف الى جانب المقاومة، لكن يعترف قادة في هذه الاحزاب، ان على «حزب الله» وهو «المايسترو» الذي يقود هذا التحالف الحزبي والسياسي ان يقوم بقراءة نقدية سلبية وايجابية لمسيرة قوى 8 آذار وحلفائها، خلال 11 عاما لجهة تقديم حجم وقوة وفعل كل تنظيم وحزب المنضوي في هذه الجبهة الوطنية الواسعة التي بات عليها، ان تقوم بوضع خطاب سياسي واضح، والتأكيد على ثوابت وطنية وقومية، ووقف الانفلاش الحزبي والسياسي الذي كانت عليه «الحركة الوطنية اللبنانية» التي كانت تسيّرها حركة «فتح» وصادرت قرارها الوطني وربطت احزاب فيها، فاختلف الدور والمهمة، بين الطرفين، وتفرقهما الارتباطات الخارجية، والمواقف في الداخل اللبناني.