منذ تشكّلت حكومة الرئيس تمام سلام في 15 شباط 2014 بعد إعلان الرئيس سعد الحريري «ربط النزاع» مع حزب الله والقبول بمشاركته حكومة واحدة من على باب مقرّ المحكمة الدوليّة في لاهاي، ولأن اللبنانيين ذاكرتهم قصيرة، أحدث هذا الإعلان صدمة كبرى عند جمهور ثورة الأرز و14 آذار، الأمر الذي اضطرّ يومها وزير العدل في حكومة «ربط النزاع» اللواء أشرف ريفي إلى توجيه رسالة إلى هذا الجمهور يخاطبهم فيها مؤكداً أنّ «سعد الحريري لم يتغيّر»، وبصدق شديد وبشفافيّة نابعة من صدقنا مع القارئ نقول: وحده وزير الداخليّة نهاد المشنوق تحمّل نيابة عن الرئيس سعد الحريري وعن تيّار المستقبل ثمن مزاج الشارع الممتعض من «ربط النزاع» هذا، عندما ارتضى أن يحمل «كرة النّار» التي ألقيت بين يديه وقد حملها بهدوء وإخلاص وصمت وأعلن نفسه «وزير داخليّة كلّ لبنان»، ليواجه صباح الأربعاء 19 شباط 2014 وبعد أيام أربعة فقط على تسلّمه مسؤولياته التفجير الإرهابي في بئر حسن، يومها انزعج كثيرون من مشهد وقوف المشنوق في موقع التفجيريْن الإرهابيين اللذين طالا السفارة الإيرانية وإلى جانبه مساعد رئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، ومساعد أمين عام حزب الله الحاج وفيق صفا.
والحرب على وزير العدل اللواء أشرف ريفي لم تكن أقلّ شراسة، ففي مثل هذه الأيام من العام الماضي انفجرت في وجه الجنرال حربٌ عنيفة في طرابلس ضدّه تحت عنوان «الموقوفين الإسلاميين»، ولم يكن سراً أنّ نجيب ميقاتي يقف وراء الحملة ويُديرها ويُسعّر نيرانها، وهو نفسه الذي سارع عند تشكيل حكومته الإنقلابيّة إلى إطلاق متهمين بالإرهاب وتولت سيارته الحكومية الرسمية نقلهم من سجن رومية إلى طرابلس!! مشهد تفجير الساحة الطرابلسية تكرّر ليلة السبت الماضي وعلى امتداد مناطق يغلب عليها طابع الولاء السُنّي لتيار المستقبل، في لعبة لا تكترث لإحراق لبنان، فالغاية من تحرّكها تسعير الفتنة بين أبناء الطائفة الواحدة، في لحظة توقد فيها نيران فتنة أخرى تستهدف «الدروز» و»السُنّة» شهدنا تسعير نيرانها الأسبوع الماضي على ألسنة يتامى نظام الأسد القاتل من الذين فرضهم بشار الأسد على الحياة السياسيّة في لبنان…
إنّ أفضل ما أقدم عليه الوزير أشرف ريفي بالأمس بعد زيارته الوزير نهاد المشنوق في مقرّ وزارة الداخليّة، هو كشفه عن أنه «تم تسريب أربعة أفلام من داخل سجن رومية نشر منها اثنان، و»حزب الله» وحده يمتلك بقية الأفلام، وأنا مستعد أن أوفرها للناس»، أحرق وزير العدل مخطّط حزب الله لتفجير الساحة الطرابلسيّة والساحة السُنيّة، وحزب الله الذي سارع إلى نفي ما أعلنه وزير العدل، نسي أن ينفي امتلاكه للأشرطة، فاكتفى بنفي بثه للڤيديو الذي «كركب» الأيام اللبنانيّة الأسبوع الماضي!!
التزم الوزير نهاد المشنوق الصمت، لأنّ ذاكرة الناس المثقوبة العبثُ بها سهلٌ جداً، ولترميم ثقب الذاكرة هذا نحيل الناسين على سنوات المنفى الثلاث التي قضاها نهاد المشنوق في باريس يوم كان المستشار الإعلامي للرئيس الشهيد رفيق الحريري، هنا علينا أن نذكّرهم بأنّ نهاد المشنوق كان مغضوباً عليه من النظام السوري، وعلينا هنا أن نذكّر الناسين أنّ السياسة المخابراتيّة الفاشلة لم تعد تنطلي على اللبنانيين، فسيناريو الإيقاع بين المشنوق وريفي، سبق وتم النسج على منواله بين الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، وسبق ونسج على منوال هذه الفتنة محاولة الزج باسم اللواء الشهيد وسام الحسن والحديث عن تورّطه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري!!
يعرف اللبنانيّون من قتل وسام الحسن، ومن قتل رفيق الحريري، ونملك من الشجاعة وعدم الخوف في هذا الهامش أن نقول: «ما كتبته جريدة الأخبار بالأمس عن الخطر المحيط بنهاد المشنوق» هو تمهيدٌ لأمر ما، وأن نقول أيضاً ليس سراً أن اللواء أشرف ريفي مستهدف بالاغتيال منذ كان على رأس مؤسسة قوى الأمن الداخلي، لذا نطالب وزير العدل بإحالة مساءلتها عن الخطر المحدق بالمشنوق، وعلى الجميع أن يفكّروا ملياً في أنّ شريطي الڤيديو اللذين تمّ بثهما ليسا أكثر من تمهيد الأرض لمحاولة اغتيال الرّجليْن المشنوق وريفي وإلصاق التهمة بإرهابيي سجن رومية، فحذارِ ثم حذارِ، «صحصحوا» أيها اللبنانيّون ولا ينجرفنّ أحد وراء غرائز لن تؤدّي إلا إلى تفجير لبنان في وجه شعبه!!