تدلّت أشرطة الكهرباء المقطوعة من سقف نفق المسيلحة – شكا، وارتطمت حلقات الحديد التي كانت تثبتها في السقف المهترئ بسيارات المارة على هذا الطريق الدولي فأوقعت بها أضراراً وخدوشاً ونجا العابرون بالصدفة.
على مقربة من النفق كان جزء من الجبل قد انهار على الخط الدولي قبل اكثر من ثلاث سنوات بفعل الأمطار ونتيجة التنفيذ السيئ للأوتوستراد ومحيطه. وأدى الانهيار، ولا يزال، الى إلغاء مسلكٍ وحشر سالكي الطريق «الدولي» في معبرٍ واحد ما يتيح لهم التمهل لإلقاء نظرة على السد المجاور، أملاً بجوابٍ على السؤال التاريخي: إمتلأ؟ ام لم يمتلئ؟! فاذا فعلوا ذلك يسهمون في تنوير مواطنيهم واذا لم يفعلوا وانطلقوا بسرعة فقد يذهبون بسرعة الى ارتطام أودى بحياة كثيرين على هذا الخط الحيوي منذ ان سلكه بومبيوس الروماني لاحتلال فينيقيا.
مرتان بعد بومبيوس شهد الطريق ورشاً لتحسينه، الأولى عندما دخل الانكليز بعد الحرب الأولى فحفروا النفق الساحلي وشقوا الطريق في اعلى الاوتوستراد الحالي، والثانية عندما تولى شفيق الوزان رئيس الحكومة السابق في عهد الرئيس امين الجميل تدشين النفق الجديد (1983). كان العمل بدأ به في أيام الراحل الياس سركيس، وعندما صار سالكاً للاستعمال وقف الوزان تحت المطر المنهمر وصاح مدشناً: أمطري يا سماء، فبقيت تمطر الى ان انهار الجبل واهترأ سقف النفق ليسقط على رؤوس رواده.
سيرةُ الطريق المذكور تختصر سيرة بلاد بأنفاقها ونفاق حكامها. هي مثله اهترأت وانهارت وسُرقت وتواصل سيرها الحثيث من دون صيانة أو إصلاح حتى لا نتحدث عن تغيير.
أمس عندما سقطت بقايا الأشرطة والركام على السيارات السائرة في الظلام نصحت القوى الأمنية المغامرين بمركباتهم باتخاذ الحيطة والحذر وسلوك أقصى اليمين. لم يكن لدى تلك القوى ما تقدمه سوى هذه النصيحة التي تضطر هي لالتزامها. والحاكمون من تحالف الميليشيا والفساد يفعلون الشيء نفسه في مواكبة تدلي المصائب على مواطنيهم. ينصحونهم بالتزام طريق جهنم وعندما يجتهدون يقولون لهم: «علينا ان نتحمّل سويةً». انه النفق في شكا… وفي بقاع لبنان بأكمله.