Site icon IMLebanon

الحوار الإسلامي – الإسلامي لإعلان نوايا حسنة.. والمسيحي – المسيحي لإصدار وثيقة تعزّز دور الدولة

في الطائف تم التوافق على «المناصفة» ووقف «العدّ» بين المسيحيين والمسلمين

الحوار الإسلامي – الإسلامي لإعلان نوايا حسنة.. والمسيحي – المسيحي لإصدار وثيقة تعزّز دور الدولة

التوتر في الشارع الاسلامي حالة طارئة ونشاز ومرفوض من جميع المسلمين

أكد السيّد حسن نصر الله أمس ما تم تداوله من انطباعات إيجابية بعد جلستين من الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، فالرئيس نبيه بري راعي الحوار قال «النتائج إيجابية أكثر مما كنت أتوقع»، ومواقف كتلة المستقبل أعلنت ذات الانطباعات الإيجابية عن حوارها مع الحزب.

أما الحوار الأخر القائم في مرحلته الأولى بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، عكس ذات الانطباعات الإيجابية رغم أنه حوار تمهيدي لما سيحصل لاحقاً بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع.

فتوجهات كلا الطرفين تعمل باتجاه تحقيق إنجاز مسيحي – وطني.

ووفقاً لمصادر اللجنة المصغرة التي يشارك فيها النائب ابراهيم كنعان ممثلاً لعون، وملحم الرياشي ممثلاً لجعجع فإن جوهر البحث التمهيدي يتمحور حول:

مستقبل الجمهورية، ككيان ودولة، هذه الدولة التي يرى فيها الموارنة خاصة أنفسهم فيها، والمسيحيون عامة أنهم أهلها، فبعد حصول عدد من التطورات والمتغيرات بات الموارنة يخشون على الدولة التي عملوا على تأسيسها منذ 1919 في مؤتمر الصلح في باريس عندما مثل لبنان كلّه بطريرك الموارنة الياس الحويك الذي طالب باستقلال لبنان وباستعادة حدوده التاريخية وهو ما عرف فيما بعد بلبنان الكبير.

كما باتوا يخشون على دورهم فيها بعد حدوث تغيرات ديموغرافية ليست لصالحهم، وهذا ما دفهم إلى تقديم تنازلات في اتفاق الطائف عام 1989، وفي هذا الإطار يروي نائب رئيس مجلس النواب السابق ميشال معلولي فيقول «عندما كنا في الطائف نتداول في إنجاز الوثيقة السياسية طرح المسلمون بأن هناك تغيرا ديموغرافيا حاصل في لبنان وأن المسيحيين فيه الآن ليسوا أكثرية بل أقلية ولكن حصتهم في السلطة السياسية كبيرة ولا تتناسب مع عددهم، وقتها قدم المسيحيون بعض التنازلات في السلطة، وتم التوافق على المناصفة في وظائف الفئة الأولى، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء، وأن تعطى بعض صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي لمجلس الوزراء، وكذلك تمّ التوافق في الطائف على وقف تعداد اللبنانيين وفرزهم ما بين مسلمين ومسيحيين، وأن هذه حصة المسيحيين مهما يكن عددهم».

الحوار الآن بين التيار الوطني والقوات اللبنانية صحيح انه يذهب باتجاه تعزيز دور المسيحيين في السلطة على قاعدة الشراكة الوطنية، الا ان الحالة «العددية» المتناقصة للمسيحيين قضية ماثلة امامهم، وبالتالي يخشون من «عقد» جديد بين اللبنانيين يطيح ببعض ما لهم في السلطة، ولذلك ميشال عون بعدما كان رافضاً للطائف، بات يرى فيه امراً واقعا ويضغط باتجاه «تجميله» أي بإدخال بعض الصلاحيات لرئيس الجمهورية، وهو الذي أيد سابقاً عقد «مؤتمر تأسيسي» الذي طالب به السيّد حسن نصر الله لكنه عاد وتراجع عن تأييده هذا، وكذلك سمير جعجع لديه ذات الهواجس، لكنه متمسك بالطائف كعقد وطني يحفظ للمسيحيين حقوقهم (منذ 1989).

كما يتمحور عمل اللجنة المصغرة بين التيار والقوات البحث وبعمق حول بعض العناوين الأخرى ومنها قانون الانتخابات، فوفقاً للتقسيم الإداري الحالي الناتج عن آلية قانون 1960 فإن أكثر من نصف النواب المسيحيين اما ينتخبون باكثرية أصوات المسلمين، واما بترجيح أصوات المسلمين، وهذا يعني تناقص وتدهور دور المسيحيين في السلطة، ولذلك يتم البحث بقانون انتخابات يُخفّف من سلبيات هذه الظاهرة، التي يتوافق على رفضها جميع القوى المسيحية مهما كانت انتماءاتهم (وهذا المسعى مرفوض من المسلمين).

وفي هذا الإطار، علم بأن «القانون الأرثوذكسي» الذي حاول سابقاً تسويقه كل من عون وجعجع بات عندهما من الماضي «وتم دفنه».

وعُلم بأن الحوار المسيحي – المسيحي يبحث أيضاً في كيفية تحصين الدولة وتفعيل مؤسساتها، وفي كيفية تحصين موقع رئاسة الجمهورية قبل البحث في أسماء المرشحين لهذا الموقع.

ويريان أن للحوار المسيحي – المسيحي بعداً وطنياً، فعندما يتعزز دور المسيحيين في السلطة، وعندما يتم تحصين موقع رئاسة الجمهورية، وتفعيل مؤسسات الدولة، يتم تعزيز الشراكة الوطنية لجميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين.

صحيح أن حوار حزب الله – المستقبل مطلوب في هذه المرحلة المشوهة بسيادة المفاهيم المذهبية، فالتوتر القائم بين السنة والشيعة على خلفية الكثير من العناوين، حالة طارئة ومسيئة، ومرفوضة من الجميع، لكنها حالة قائمة يخشى من أن ينتج عنها سلبيات تجعل المشهد بين المسلمين اكثر سواداً.

فالحوار بين حزب الله والمستقبل بهذه التوجهات الصادقة يأتي في الاتجاه المعاكس لهذه الحالة النشاز، والتي تشكّل نتوءاً في الجسد الإسلامي، يعمل كلا الطرفين على معالجته تمهيداً لاستئصاله.

لغاية الآن لم يتبين أن الحوار الإسلامي – الإسلامي سينتج عنه وثيقة مكتوبة لتعزيز مسيرة الدولة الوطنية الجامعة، بل التوجه الغالب هو إعلان نوايا حسنة وطيبة لتنفيس الاحتقان في الشارع.

اما الحوار المسيحي – المسيحي فيبدو من خلال المعطيات المتوفرة انه في حال تمّ تذليل عقبة الترشح للرئاسة، وفق رؤية مشتركة بين القوات والتيار الوطني، فانه ذاهب باتجاه إصدار وثيقة مسيحية – وطنية من الممكن أن تشكّل بداية صالحة لرسم خارطة طريق لتعزيز دور الدولة الوطنية الجامعة.