Site icon IMLebanon

“قتل المسلمين في فرنسا”

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة بسجال عن حجم التغطية الاعلامية لتفجيرات باريس مقارنة بهجمات أخرى حول العالم، وتحديداً الهجوم الانتحاري المزدوج في برج البراجنة الخميس الماضي. فمع أن المجرم هو نفسه والضحايا مدنيون هنا وهناك، اجتاحت “فايسبوك” و”تويتر” وغيرهما، مواقف من التعاطف الشعبي والسياسي الواسع مع فرنسا وغير المتناسق مع الردود التي صدرت بعد تفجيرات بيروت.

بالطبع، ليست أرواح الفرنسيين أغلى من أرواح اللبنانيين الذين قضوا في تفجيرات برج البراجنة. وكما باريس عزيزة على قلوب الفرنسيين واللبنانيين والعالم، تبقى بيروت غالية لا لأهلها فحسب، وإنما لكثر زاروها أو سمعوا عنها. لكنّ المؤسف أن يتحول تفجيران انتحاريان في بيروت محطة شبه عادية في يوميات النزف المستمر في المنطقة، وتتحول إراقة دماء اللبنانيين جريمة جانبية في المجزرة الكبيرة المستمرة حوله.

ليس كره “داعش” للحياة في بيروت وباريس والعالم غريباً عن تنظيم كهذا ينمو ويتمدد دموياً. ومع ذلك، يبدو عداؤه لباريس تحديداً ولفرنسا عموماً، لافتاً. صولاته وجولاته فيها كانت كثيرة هذه السنة. من جريمة “شارلي إيبدو” والمتجر اليهودي، الى احباط اعتداءات تحمل بصمات التنظيم. تهديدات داعشية باغراق شوارع باريس بالجثث ونداء من أبو محمد العدناني لـ”قتل كافر أميركي أو أوروبي وتحديداً، فرنسي كافر وحاقد”. الواقع، ان استهداف “داعش” لباريس ليس عبثياً. فرنسا ليست الدولة الوحيدة المتحمسة للائتلاف الدولي ضده. ولا المسؤولون الفرنسيون وحدهم الذين يصرّون على استخدام تعبير “داعش” المهين. فكما يحاول التنظيم تأجيج الحساسيات الطائفية في لبنان المنقسم حيال الحرب السورية، يضع أمامه هدفاً عملياً باستهدافه باريس.

تضم فرنسا نحو ستة ملايين مسلم، وباتت أكبر مصدّر أوروبي محتمل للمجندين في صفوف التنظيم. ولن يكون غريبا أن يتطلع هذا التنظيم الى اثارة اعمال انتقامية ضد مسلمي فرنسا.تنظيم بهذا الدهاء الخطير قد يكون يتطلع الى أكثر من ليلة رعب وعشرات القتلى. خبير فرنسي في مكافحة الارهاب قال السبت لشبكة فرنسا الدولية “فرانس انتير”: “يريدوننا، في باريس وفرنسا، أن نقتل مسلمين… يريدون حربا أهلية في فرنسا”.

في باريس وبيروت وقبلهما في سيناء وسوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها، يمضي تنظيم “الدولة الاسلامية” في تنفيذ خططه الجهنمية. زعماء العالم يتنافسون على عرض عضلاتهم ضده، وهو يصطاد شعوبهم جواً حيناً وبراً حيناً آخر وبدم بارد في كل حين.

بعد أكثر من سنة من حرب “الريموت كونترول” حان الوقت لاستراتيجية جدية وحاسمة لاستئصال هذا الطاعون وأسبابه. العودة الى التخبط في متاهة “داعش” أولاً أم الاسد أولاً، ليست الا نصراً اضافياً لكلا الجانبين اللذين يتحملان تبعة الكثير من دماء اللبنانيين والسوريين والفرنسيين وغيرهم.