IMLebanon

ساعات حاسمة أمام البلد… وأمام مصطفى أديب

 

لائحة الإصلاحات المطلوبة طويلة جداً، والتغييرات الملحّة شرط لإنجازها.

وفي البلد قناعة شاملة بضرورة الإصلاح، لكنّ القوى التغييرية غير جاهزة، ولا تزال في طور التكوّن منذ التظاهرات الحاشدة في 17 تشرين الأول الماضي وما تلاه.

 

في ذلك التاريخ، اهتزّت قوى السلطة لكنّها لم تقع، وسرعان ما استعادت آليات سيطرتها. في الشارع استعانت بالقمع الدموي الشرعي، وبالإستفزاز الميليشياوي الطائفي والمذهبي، وفي الأشكال “الدستورية” تمترست وراء بقايا دستور مزّقته في وقت قريب، لتستعيد لعبة الحكم من باب الميليشيا النيابية.

 

فإذا كان المواطن يريد تغييراً وإصلاحاً فهذا لن يحصل تلقائياً. إنّه بحاجة الى برلمان واستشارات ورئيس جمهورية، ثمّ الى ثقة أكثرية نيابية. وفي الحصيلة، يكتمل العجز الشعبي عن التغيير مع إقفال أصحاب السلطة دائرتهم المغلقة.

 

كانت تجربة حكومة حسّان دياب حصيلة فاقعة لمحاولة التغيير الشعبية، وردّاً سلطوياً فاقعاً على المطالبات الشعبية.

 

وفي ظلّ تلك الحكومة استُبيح ما تبقّى من مصالح الناس وكراماتهم، فيما استعرت خطابات المواجهة مع أصدقاء لبنان في العالم العربي والمجتمع الدولي، فبدأ وزراء بالإنسحاب ليجرى استبدالهم بسرعة البرق، في إشارة من أصحاب السلطة الى أنّ شيئاً لن يجعلهم يُغَيّرون ما بأنفسهم، لا انهيار مجتمعهم وبلدهم، ولا علاقة هذا البلد بالعالم من حوله.

 

ثم جاءت كارثة المرفأ لتتوّج شهور القمع والإنكار، فدخل العالم مُجدّداً على الخطّ من الباب الإنساني أولاً، لكن من الباب السياسي بالتأكيد. فلم يعد التغيير والإصلاح مطلباً شعبياً فقط، بل مطلباً وشرطاً دولياً لاستئناف دعم لبنان للخروج من الأزمة وإعادة البناء، وهذا ما تعنيه تحديداً مبادرة ماكرون.

 

إنّ قيمة هذه المبادرة هي في تبنّيها المطالب العميقة للمواطنين اللبنانيين، و”مَوْنَتِها” على قوى السلطة بأن تتراجع قليلاً الى الوراء، مع فسادها وأطماعها وحرائقها، والسماح بقيام حكومةٍ هي انتقالية بطبيعتها، تضع أسس تغيير النهج القائم، وتستعيد ثقة المانحين والداعمين.

 

هذه باختصار مهمّة مصطفى أديب الذي يُفترض، مع اقتراب انتهاء مهلة التشكيل المُعطاة له، أن يحمل أسماء حكومة المرحلة الى قوى الأمر الواقع، فإمّا توافق، وإمّا ترفض، وعندها يبني كلّ معني على الشيء مقتضاه.