Site icon IMLebanon

الكاظمي ولبنانيو إيران

 

 

مقابل «شجاعة إستثنائية» أبداها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي كشف أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أبلغه أن لا مساعدة للبنان في ظل استمرار «حزب الله» بالتآمر على السعودية في اليمن، ومقابل ما فعله الرئيس السابق ميشال عون، الذي رمى كل أوراقه لدى إيران لإيصاله إلى قصر بعبدا، مقابل كل هذه الاستقالة من الموقع والمسؤولية، يشاهد رئيس حكومة العراق السابق مصطفى الكاظمي في طهران، وهو يُستقبل استقبالاً رسمياً، بمستوى بروتوكولي تعامل مع الزيارة وكأن الكاظمي هو رئيس الحكومة فعلاً لا سابقاً.

 

الأسباب التي دعت طهران إلى دعوة الكاظمي لهذه الزيارة، لا علاقة لها بالمشاعر سواء السلبية أو الايجابية، فالرجل كان غريماً متماسكاً، لم يتحدث عن حقوق الشيعة أو السنة، ولم يتأخر ولو للحظة عن إيجاد مسافة فاصلة بين النفوذ الإيراني المهيمن على العراق، وبين ما يفترض أن يبنى من دور مستقل للعراق، بسيادته وعلاقاته العربية والدولية، ودوره وموقعه وحفظ ثرواته.

 

لإيران أيضاً إذا أرادت، القدرة على التمييز بين استتباع الأتباع، واحترام الخصومة، وهذا ما بدا من خلال جدول أعمال الزيارة، الذي شكل استكمالاً للوساطة التي ابتكرها الكاظمي بالدور القديم – الجديد الذي يلعبه بين ايران والسعودية، بالاضافة إلى ما يرتبط بهذه الوساطة، من قنوات اتصال مع العالم تحاول ايران الابقاء عليها، في مرحلة حساسة تقترب فيها من حسم الصراع على ملفها النووي، مع كل ما يمكن أن ينتج عن هذا الحسم، من احتمالات عسكرية ودبلوماسية.

 

في بغداد، وعلى نحو مغاير لما يجري في بيروت، لاقت زيارة الكاظمي ترحيباً من شارع القوى الوطنية، وامتعاضاً من قوى الإطار التنسيقي، وهذا مؤشر إضافي على أنّ أي مبادرة لا تنطلق من موقع التبعية، يمكن أن تلقى الصدى الإيجابي، باعتبارها تؤكد على دور العراق المستقل غير الخاضع للوصاية.

 

أما في بيروت، فقد أفنى حلفاء إيران الوقت في سياسة التكسب السياسي، وأوكلوا أمرهم إلى «حزب الله»، فكانت استقالة مدوية من أي دور، أنتجت تدميراً شبه كامل لعلاقات لبنان العربية والدولية بحيث بات من الصعب مقارنة المجموعة اللبنانية الحاكمة، بأي من الحكومات التي تفبركها إيران سواء في العراق او في اليمن. حلفاء إيران في لبنان لم يعد بالإمكان مقارنتهم بحكومة الإطار التنسيقي في العراق، الذي اضطر لاتخاذ بعض الخطوات، لحفظ ماء الوجه وادعاء الاستقلالية عن طهران، فكيف إذا ما قورنوا بمن نجح ولو نسبياً في استحداث توازن في مواجهة طهران لمصلحة العراق المستقل.

 

في وقت تسير المنطقة على إيقاع ما سيحصل في الأسابيع المقبلة، بين طهران والسعودية، وبينها وبين العالم الذي يضعها تحت المجهر، يستمر كرسي لبنان خالياً، إلا من البعض الذي يستمر بالاختباء في ظله، والبعض الآخر الذي يحلم باستعادة مجد الجلوس على الكرسي الفارغ من الصلاحيات والهيبة، ولن تنجح زيارة الكاظمي لطهران، بأن تلهم أحداً من مسؤولي لبنان بأن «يرتكب» ما يمكن أن يؤدي إلى أن يرمق العالم حكام لبنان ببعض الاحترام.