“أنا أو غيري… المهم البلد”، هذا الكلام لا يُختصر بمجرَّد عنوان أو مانشيت في جريدة “النهار” التي أفردت له صفحتها الأولى، بل هو أقرب الى نداء يوجهه نائب زغرتا سليمان فرنجيّة الى اللبنانيين، مسؤولين وعاديين، وزراء ونواباً وسياسيين. ومن كل الانتماءات والفئات التي يتلوّن منها الكوكتيل الطوائفي النادر، والذي يميّز لبنان، وربما يحفظه.
هذا الكلام الذي يصدر عن مرشّح رئاسي، للمرة الأولى يصلح أن يشكّل تحدياً لأولئك المتعمشقين بالسلطة وكراسيها، والواقعين في غرام الرئاسة، والذين لا يخجلون إن أعلنوا “أنا أو لا أحد”.
“أنا أو غيري… المهم البلد”، للمرة الأولى تصدر بهذه الصراحة والثقة والمسؤولية عن مرشّح للرئاسة ليس غريباً عن بيت الرئاسة، وبيت الوطنية، وبيت الزعامة، وبيت التضحيات الكبرى من كل الأنواع، مقدّماً بدوره مصلحة هذا اللبنان الذي لا يختلف حاله عن حال الأيتام، وبعيداً من الأنانيات والشخصانيات التي يدفع البلد ثمناً باهظاً نتيجة ذيولها وتداعياتها.
هكذا يكون الزعماء والقادة، وهكذا يتصرّفون ويتكلّمون إبان الأزمات الكبرى والمصيرية، وهكذا يعالجون معاناة وطنيّة بحجم فراغ طويل الأمد على مستوى رئاسة الجمهوريّة، وانعكاس هذا الفراغ على كل البلد بكل مؤسّساته ومصالحه… وحتى مصيره.
هذا هو الشعار الذي يجب أن يُرفع ابتداءً من اليوم في وجه أولئك الأنانيين، ومعهم أصحاب الشهوات التي لا ترتوي ولا ترعوي، ولا ترى من البلد الا ما يخدم مصالحها ويتجاوب مع شهواتها.
فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم. أضعف الإيمان أن يسمع منكم اللبنانيون، لمرة وحيدة يتيمة، كلاماً وطنياً ينضح بالغيرة على مصير البلد وأوضاعه، ولا تقتصر خطبكم وتصريحاتكم وحواراتكم على التهديد بالويل والثبور إن لم تطلع الكرسي من حصّتكم.
فرنجيَّة يقول أنا أو غيري لا يهم، المهم هو البلد. المهم هو لبنان. أنتم مصرّون من زمان على أن المهم هو أنتم لا لبنان.
رئيس “تيار المردة” يسأل المتوتّرين والغاضبين: هل بتعطيل مجلس النواب والمؤسسات نسرِّع انتخاب رئيس للجمهوريَّة؟ إذا كان هذا هو الأمر، فلنعطّل مجلس النواب…
ثم الوضع الاقتصادي والمعيشي، الذي لا يخطر في بال أو هموم المعطّلين، هو في الواقع دقيق جداً. المواطنون في مكان، والدولة في مكان آخر، وبعض الأنانيين أبعد بكثير من مما يعانيه الناس، ومن همومهم وآلامهم.
ثم ينتقل الى بيت القصيد، والى حيث تُحاك التعقيدات متسائلاً بكل بساطة وعفويَّة: ما هي الميثاقية؟ هل هي عون وجعجع؟ وإذا لم يأت عون (رئيساً؟) ولا جعجع… ولا حتى فرنجيَّة، فهل يعني ذلك أن لا وجود للمسيحيين في البلد؟
مسك الختام في هذه المصارحة قوله: خوفي على المسيحيّين أن يلغوا أنفسهم!