حانَ التوقيت السنوي لرسالتي إليكَ، وأنتَ في ربيع عمرك في جنّة الشهداء الأبرار.
في غيابك السنة أحداث وأحداث.
إنهارت التسوية يا صديقي بيار لأنها كانت تسوية بين غالبٍ ومغلوب.
إنهارت التسوية يا بيار لأنّ البعض لم يَستخلص دروسَ الحرب اللبنانية، ولم يتعلّم بأنّه لا يمكن لفريق مهما علا شأنُه أن يَحكم لبنان بالقوّة.
إنهارت التسوية لأنّ حدود قوّةِ كلّ فريق تقفُ عند حدود قوّةِ الفريق الآخر.
إنهارت التسوية يا صديقي لأنّ «حزب الله» ارتكبَ الخطأ المميت من خلال نشرِ رقعةِ عملياته إلى خارج لبنان بطلبٍ إيراني واستدعى تدخُّلاً عربياً مباشراً في المقابل!
نحن اليوم أمام معضلة جديدة يا صديقي.
لا قيامَ لدولةٍ في لبنان مع «حزب الله»، ولا قيام لدولةٍ في لبنان من دون «حزب الله»!
لم يبقَ مَن يدافعُ عن سلاح «حزب الله» إلّا العماد ميشال عون بوصفه رئيساً للجمهورية اللبنانية وزعيماً مارونياً كبيراً.
مرّةً إضافية يتحدّى العماد عون الإرادةَ الوطنية والإرادة العربية والإرادة الدولية ويدافعُ عن سلاحٍ غير شرعي!
مرّةً إضافية يقودنا الجنرال إلى مغامرةٍ غيرِ محسوبة مهدّداً مصالحَنا الوطنية ومصالحَ اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج!
مرّةً جديدة يخوض الجنرال حروبَ الآخرين على أرض لبنان!
كم من فاتورةٍ يا صديقي بيار يَدفعها بعضُ زعمائنا من أجل الوصول إلى الكرسي.
هؤلاء موهومون بانتصارات زائفة!
كم مرّةً تعودُ بيَ الذاكرة إلى تلك الجلسات الطويلة التي كنّا نجلسها معاً.
بيار كلَّ سنة أفتقدك أكثر لأننا فقَدنا أمثالك في السياسة.
فقدنا القيَم والاستقامة، وفقَدنا الذين يتحدّرون من بيوتاتٍ كبيرة وعريقة أعطَت لبنانَ مِن دون حساب!
فقَدنا الذين لا يُصيبهم «الجوع العتيق»!
فقَدنا الرجالَ الرجال!
فقدنا التواضعَ والصدقّ!
تصوّرْ يا صديقي بيار أنّ التخوين يأخذ مكانَ شجاعةِ المراجعة!
تصوّرْ أنّ الهروب إلى الأمام يأخذ مكان الإقدام في مواجهة المصاعب!
لم نترك الساحة، ولا تزال في عقولنا!
كلّما اشتدّت الأيام نفكّر بك.
كلّما ضيّقوا علينا نفكّر بك.
وعندما ندركُ كم ضحّيتَ تصبح مصاعبُنا بلا قيمة!