اكتسحت وسائل التواصل الاجتماعي سيرة ذاتية للرئيس المكلف حسان دياب، نبشها الناس في عملية استقصاء هي الأسرع، لأن لبنان “قدّْ الكمشة”، ولا يخفى ما يجري في زواريب مؤسساته العامة والخاصة على أحد.
سيرة الناس تختلف اختلافاً جذرياً عن تلك التي اعتمدها الرئيس المكلف لنفسه وِسع 136 صفحة. وهي دسمة ومغرية. إنجازاتها الطالعة من نسيج التشاطر اللبناني، وان لم تصل الى مستوى الشاطرين الكبار، تزعج جهود محور الممانعة الذي حَسِبَ انه وبهذه التسمية، ضرب كل العصافير التي تعترض تحليق مشروعه.
لذا شمَّر أشاوس فرقة الزجل الملحقة بالمحور وأذرعه وأذياله عن زنودهم واستخدموا كل بلاغتهم ومهاراتهم اللفظية في عملية تنظيف وتلميع مكثفة لخلق حيثيات غير موجودة على نية تسويق صورة الرجل الحافظ درسه والمستل عباراته من قاموس مطالب اللبنانيين، وصولاً الى تعهده بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، متورماً بذاته ومتوهماً ومصدقاً أوهامه بأنه سيكون المنقذ. وسارعوا الى الشاشات لينسجوا سيرة ذاتية مستحدثة تلائم مقتضيات المرحلة. والأهم لينفوا عمن سمّوه صفة الطالع من محورهم والملتزم به.
والغريب ان الشاشات استجابت ولبت وفتحت هواءها ليدلي الأشاوس بدلوهم، بالتزامن مع النقل المباشر لآراء جماعات بعينها، لا هم لها الا التظلم جراء الغبن الذي أصاب طائفتها مع فبركة تصادمات بين الجيش والمعترضين طائفياً على تسمية دياب. وكأن المطلوب المسارعة الى القبول بالرئيس المكلف تجنباً لفتنة مذهبية تنفجر حرباً أهلية.
لم يعد الجوع المتربص باللبنانيين هو القضية، ولكن لملمة الشارع والشارع المواجه المتربص في الزواريب ليدافع عن نفسه، اذا ما حصل تجاوز لخطوط التماس عند كورنيش المزرعة.
أصبحت الأولوية لإستضافة من يستفيض في منح براءة ذمة لرجل الممانعة التي تعمل بدوام كامل ومنذ اليوم الأول لسفك دم الثورة سعياً الى اغتيالها، وفي شرح تمسك الثنائية الشيعية حتى الرمق الأخير بالرئيس سعد الحريري الذي أربكها وأرغمها هو وحلفاؤه القدامى على تسمية دياب المستقل في خياراته وحركته، والذي لا غبار على سيرته بعكس ما يورده المتآمرون خدمة للفتنة المذهبية.
أكثر من ذلك، فاضت وعود التعهد بتأمين التسهيلات المطلوبة لتشكيل حكومة تكنوقراط صافية عيار 24 قيراطاً، وبتقديم ما يفوق لبن العصفور بفعالياته حتى يتمكن “المصطفى” من تقديم التشكيلة الإستثنائية العجائبية، مع فائض من الخبث السياسي التقليدي، والتباري في استعراض البهلونيات البلاغية الخنفشارية المتناقضة للتعمية على السبيل الوحيد لتجنب الكارثة التي أطاحت بالأمان الاقتصادي وشرعت أبواب الوطن على الجوع الذي انفجر رفضاً شعبياً لهذه الطبقة التي تصر على الاستمرار في ما هي عليه، وتتذاكى بفبركة إنجازات أدت الى تنصيب الرجل الغامض بسلامته، مع الإصرار على انه “ليس نكرة”، وفق ما كرره الأشاوس عشرات المرات في اليومين الأخيرين، مصرين على انه موجود وغير مستفز وله بصماته التي يتم العمل عليها وبلورتها أكثر فأكثر مع عملية الشطف والتنظيف والتلميع ليكتسي لحم السلطة والنفوذ بما تقتضيه مستلزمات الممانعة في جاري الأيام المقبلة.