إنشغل الرأي العام اللبناني أمس بخبر مفاده أنّ طائرةً حربيةً أميركية حطّت في مطار رياق البقاعي، ما طرح تساؤلاتٍ عن مهمّتها وما إذا كانت مرتبطة بالحرب الدائرة في سوريا.
لم يكد يمضي وقتٌ قليل على إنتشار خبر هبوط الطائرة الأميركية، حتّى كثرت التحليلات وتوالت الأخبار، وذهب البعض الى استنكار ما حصل باعتباره تعاوناً لبنانياً «سافراً» مع الأميركيين، في حين قال البعض الآخر إنّه إنتهاك للسيادة اللبنانية وبداية استخدام المطارات اللبنانية لتنفيذ العمليات الأميركية في سوريا نظراً لقرب البقاع من الشام.
وعلى رغم التضخيم، فإنّ الحقيقة موجودة في مكان آخر منافٍ لكل الروايات والتحليلات. وفي هذا الإطار، يؤكّد مصدر عسكري رفيع لـ»الجمهورية» أنّ الطائرة الأميركية التي حطّت في رياق هي طائرة شحن بمروحيَّتين وليست طائرة عسكرية، وكانت تنقل أسلحة وذخائر ودعماً لوجستياً الى الجيش اللبناني».
ويشدد المصدر على أنّ «مطار رياق يستقبل دورياً عدداً كبيراً من الطائرات الأميركية التي تنقل الدعم إلى الجيش اللبناني في إطار المساعدات الأميركية الدائمة».
ويقول: «بما أنّ المطار بات مجهّزاً وقادراً على إستقبال طائرات شحن الأسلحة، فقد إرتأت قيادة الجيش أن تحطّ الطائرة أمس في مطار رياق بدلاً من مطار بيروت، نظراً لقربه من الجبهات في عرسال ورأس بعلبك، ما يسهّل نقل الذخائر والمساعدات الى المخازن والجبهات البقاعية بدلاً من أن تُفرّغ الأسلحة في مطار بيروت وتُنقل لاحقاً الى البقاع برّاً».
من جهة ثانية، يكثر الحديث عن الدعم الغربي والعربي للجيش اللبناني، خصوصاً بعد المهمة التي أخذها البريطانيون على عاتقهم وهي تدريب 11 ألف عسكري وتجهيز أفواج الحدود البرّية الأربعة.
وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» أنّ قيادة الجيش تستعدّ لإستقبال دفعةٍ جديدة من الأسلحة الأميركية النوعية، من المنتظر أن تصل قريباً الى لبنان، حيث تشير المعلومات الأوّلية الى أنها أسلحة متطوّرة ستُحدِث فرقاً في المواجهات التي يخوضها الجيش ضدّ «داعش» والمجموعات الإرهابية من جهة، وتأتي لتثبّت قوّة الجيش وتمكّنه من مواجهة التحديات، ولا سيما الداخلية منها، من جهة أخرى.
ولم تتوقّف المساعدات الأميركية أو تخفّ وتيرتها منذ مدّة، وهناك عدد من الطائرات التي تحمل ذخيرة متوسّطة والدعم اللوجستي الذي يحتاجه الجيش، يصل تباعاً ولا يُعلن عنه أو ينظَّم له حفلُ تسلّم، وخير دليل، طائرةُ رياق التي أثارت بلبلة أمس.
توازياً، تؤكّد مصادر متابعة، أنّ البرنامج الأميركي لتسليح الجيش لن يتأثّر مع الإدارة الجديدة، خصوصاً أنّ الرئيس دونالد ترامب لم يُظهر حتّى الساعة أيّ مؤشرات تدل على أنه سينتهج سياسة جديدة تجاه لبنان، بل إنّ إستراتيجية تسليح الجيش اللبناني تلاقي إستراتيجية ترامب في إصراره على ضرب الإرهاب والقضاء على تنظيم «داعش».
نجح لبنان في صدّ وإيقاف تمدّد المنظمات الإرهابية في أرضه، وحاز هذا الأمر على رضى الغرب ومن ضمنه أميركا، وقد تمّ تثبيت الإستقرار الداخلي أكثر وأكثر، وظهر هذا الأمر للعيان من خلال ضرب الشبكات والخلايا الداخلية، وتمرير فترة الأعياد على خير من دون أيّ خروق أمنية، في حين تغرق البلاد المجاورة بالدماء.