IMLebanon

الغموض المكشوف!

يقول التحالف الدولي ضد الارهاب الذي تقوده الولايات المتحدة أنه نجح في «وقف تقدّم» «داعش» في العراق وسوريا. لكن بشار الأسد لم «يشعر» بذلك! على ما نقلت عنه مجلة «باري ماتش» الفرنسية بالأمس، باعتبار أن «قواته» هي التي تقاتل على الأرض وهذه لم تبلغه ما يكفي من مستجدات ميدانية لجعله «يشعر» أن الضربات الجوية أثّرت فعلياً في ذلك التنظيم الأحجية!

والواقع، ان التحالف الدولي «دقيق» في بيانه، بينما الأسد يدّعي ويستمر في استدراج العروض.

الضربات الجوية ضد «داعش» تمكنت فعلاً من وقف تمدده ومحاصرته، ومهّدت الطريق أمام استعادة مواقع مهمة واستراتيجية. من بينها مصافي النفط في «بيجي« (الأهم في الشرق الأوسط!) وسد الموصل وأمرلي وجلولا، وغيرها في نواحي تكريت ومحافظة صلاح الدين. كما مكّنت القوى العراقية النظامية والعشائرية والكردية من إعلان جاهزيتها لفتح معركة تحرير الموصل قريباً.

وفي موازاة ذلك، أمكن التدخل الجوي أن يوقف «داعش» في كوباني (عين العرب) في سوريا، وأن يغطّي دخول البيشمركة في معركة كسر العظم الكبيرة فيها.

لكن دقّة التشخيص في بيان التحالف الدولي، من بروكسل، لا تلغي بحر الغموض الذي تسبح فيه سياسات أوباما في واشنطن.. وإن كان ذلك الغموض «واضحاً» بما فيه الكفاية بالنسبة الى الأسد الى حدّ دفعه الى التبرّم والعودة الى سياسة الاستجداء.

بمعنى، ان الحقائق التي أفرزتها الضربات الجوية تقول عكس ما تدّعيه إدارة أوباما: «داعش» خطر كبير لكنه في المحطات المفصلية نمر من ورق! حيث لم يأخذ أمر القضاء عليه تماماً في مصافي النفط وسد الموصل، ومنعه من تهديد كركوك بأي شكل كان، أو الاقتراب من المراقد الشيعية والحدود الايرانية، سوى أيامٍ معدودات من القصف الجوي وبضع مئات من العسكر المضبوب على عجل.. ومع ذلك تستمر ادارة مستر أوباما في إشاعة مناخات تجعل منه رديفاً للجيش النازي في عزّ جبروته!

ما توضّح من وراء ذلك «الغموض» ودخان الغارات الجوية، هو أنه أمكن لإيران أن تُظهر انها هي التي «تُحرّر» العراق من الاحتلال التكفيري مثلما سبق وأن حرّرته من الاحتلال الأميركي! وبالتالي ستكون لذلك تبعات (اضافية!) لا يُعرف فحواها ومبناها ومعناها وأعماقها على ما يبدو إلا مستر أوباما و«المرشد» الإيراني! ودائماً تحت سقف المفاوضات النووية!.

.. في كوباني أيضاً، ظهر «داعش» كوظيفة أكثر من أي شيء آخر. لكن التركي لم يتزحزح! فيما يجهد الأسد لإعادة تأهيله الوظيفي انطلاقاً من البلدة المنكوبة! ما يغيظه ان الأميركيين يرفضون مساواته بالإيراني! ويرفضون الإقرار له بأي دور أبعد من حدود اللحظة، المحكومة بالمساومة مع طهران.

يريد الأسد أن «يشعر» أنه جزء من الصفقة، وأنه لا يزال قادراً على تحريك قوات ومقاتلة الارهاب! فيما واشنطن لا «ترى» غير إيران في الميدان! والواقع يعينها لهذه الناحية تماماً باعتبار أن كل من عليها صار يعرف أن الأسد «كان» رئيساً لسوريا لكنه اليوم موظف عند الإيراني بدوام كامل وعند الروسي بدوام جزئي.. والباقي تفاصيل يتسلّى بها الإعلام، ويغذّيها الأميركيون بلعبتهم الأثيرة المسمّاة: الغموض المكشوف!.