Site icon IMLebanon

الانضباطية المعينة وإبادة عائلة النبطية

 

يريد منا الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله التسليم بأن «وقائع الميدان في الأشهر الأربعة الماضية أثبتت رؤية فعالية استراتيجية المقاومة ومعادلاتها التي جعلت العدو مردوعاً بدليل استمراره بالعمل وفق انضباطية معينة».

 

بالطبع، لا يحق لأي لبناني أن يستفسر عن هذه الاستراتيجية ومعادلاتها والعدو المردوع، الذي أباد عائلة بعجائزها ورجالها ونسائها وأطفالها وفق الانضباطية المعينة المشار إليها في الخطاب. له فقط أن يخاف عندما يُبَلَّغ بأن «التهديد والتهويل وحتى شنّ الحرب، كل ذلك لن يوقف الجبهة الجنوبية. توقّفها مرتبط فقط بتوقف العدوان على غزة»، ليُصَنَّف هذا اللبناني جراء خوفه متخاذلاً بلا كرامة، ويجب معاقبته لأنه يضر بالشعور القومي والتماسك الوطني المطلوب، حتى تؤدي «المشاغلة» وظيفتها خدمة لرأس محور الممانعة وليس لغزة وأهلها الذين باتوا محشورين بانتظار استكمال فعل الإبادة، بحيث لا يعود أي وقف لإطلاق النار سوى ترتيب بين حركة «حماس» وإسرائيل وليس وقف سفك دماء الأبرياء والمدنيين.

 

لعل أحداً لا يريد أن يُساءل نصرالله عن اقتناع 71% من الإسرائيليين أنّ على دولتهم شن عملية عسكرية واسعة ضد لبنان، وأنّ رئيس الوزراء في كيان العدو بنيامين نتنياهو فصل المسار اللبناني عن المسار الغزاوي، بالتالي هو لن يوقف عملياته ضد «الحزب» ولبنان، حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، إلا إذا تم تنفيذ القرار 1701 برعاية دولية وفق ورقة الأفكار الفرنسية.

 

أو لعل كل ما يجري من ديناميات دموية لم تقوض ضرورة ضبط إيقاع المشاغلة، لتأتي التوجيهات باستمرار معادلات الميدان من دون تجاوز الحدود الحالية. الخسائر لا تهم، وكذلك الصواريخ الثقيلة والمجازر المتنقلة. فالارتقاء في الرد الاستنسابي، وإن لفظياً، يجب أن يصون السلوك المعتمد والحافظ لحسابات المحور حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فيزف إلى المؤمنين نصراً إلهياً جديداً بفعل نجاح المواءمة بين الضغوط الديبلوماسية والتصعيد العسكري.

 

وبالطبع ممنوع في هذه المرحلة أي اعتراض أو إشارة إلى الخسائر المادية، التي لا يسمح «الحزب» لوسائل الاعلام معاينتها على الأرض، وتحديداً في القرى المتاخمة للحدود. فالصورة تخضع للشروط الأمنية، كما حصل بعد غارة النبطية، حيث تم منع الكاميرات من التوجه إلى المبنى والتصوير قبل إجراء المقتضى من ترتيبات في موقع الجريمة الإسرائيلية بما يتناسب والرؤية الاستراتيجية المطابقة وأيديولوجية «الردع الفعال».

 

وممنوع أيضاً التطرق بالأرقام والبيانات التي تشير بحسب احصاءات تقريبية غير رسمية، إلى حجم التدمير الكامل أو الجزئي للوحدات السكنية، أو نسبة التهجير من قرى الشريط الحدودي، لحوالى مئة ألف مواطن، إلى قرى وبلدات بعيدة نسبياً عن خطوط الاشتباكات. وذلك، من دون دعم فعال… ويحكى أن إيجار منزل في صور لأسبوعين يبلغ 300 دولار.

 

وتشير بعض المعلومات إلى انه وبعد أن تصمت المدافع، لن يجد حوالى 30 ألف مواطن لبناني منازل تأويهم، كما أنّ أكثر من 60 ألف مواطن لبناني جنوبي سيكونون مجبرين على ترميم منازلهم ليستطيعوا العودة إليها.

 

بناء على هذه المعلومات وإن صح بعضها وليس كلها، لا بد من تقييد حركة الإعلام والسماح للإعلاميين بتغطية ما يناسب «حزب الله» فقط لا غير، مع وعد بإعادة بناء البيوت التي دمّرها العدوان «أحسن مما كانت»، مقابل صمت المتضررين وبلع ألسنتهم ولوم العدو الصهيوني الغاشم على خسائرهم ومطالبة الدولة المفلسة بالتعويض عليهم. فإثارة النقمة الشعبية ضد «حزب الله» العالم وحده بالمصلحة الوطنية، غير مستحسنة… وتضر بفلسفة الانضباطية المعينة التي أبادت عائلة النبطية.