ما زال مصطفى إبن حسين برجاوي تحت وقع الصدمة، لم يستوعب بعد أنه فقد كل أفراد أسرته في المجزرة المروّعة التي إرتكبها العدو الإسرائيلي ليل الأربعاء الفائت. في منزل العائلة في بلدة دير الزهراني الذي غصّ بالمعزين يردّد مصطفى كلمة واحدة «الحمدلله»، وهو يتحضر لمراسم تشييع العائلة في عرس وطني اليوم السبت في مدينة النبطية، بعدما ظهرت نتائج فحوص الـDNA.
عزم مصطفى على السهر مع عائلته يوم المجزرة، بعد أن أنهى أعماله اليومية في بيع قطع السيارات، قصد منزل والده الذي اعتاد زيارته يومياً، غير أنّ الوالد أصرّ عليه لاصطحاب عائلته إلى منزله، لم يفهم مصطفى السبب، ويقول بحرقة «حين وصلت إلى المنزل غمرني والدي بقوة وطلب مني المغادرة»، وأكمل بحزن «اقترب محمود ابن أختي وضمّني بشدة على غير عادته، وطلب أن أحضر أولادي، وحين هممت بالمغادرة صادفت عمتي عند الباب، فحضنتي هي الأخرى بقوة وكأنها تودعني». حاول مصطفى أن يتمالك أعصابه، وهو يتحدث عن تلك الليلة المشؤومة، وقال «ما إن وصلت إلى منزلي في كفرجوز، وبعد نصف ساعة تقريباً أغارت المسيرات على منزل والدي». وأضاف «كان قلب والدي يشعر أنّ لقاءنا هو الأخير». وأشار الشاب إلى أنّ ابن أخته حسين ابن الثلاث سنوات ووالده علي عامر هما الناجيان الوحيدان من المجزرة، وأن علي يخضع للعلاج في مستشفى الجعيتاوي جراء الحروق التي أصابته.
شاءت الصدف أن يكون مصطفى خارج المنزل، غير أنه عتب على مواقع التواصل الاخبارية «التي لا ترأف بمشاعر أهالي الشهداء، والتي تنعي الشهداء حتى قبل ابلاغ الأهل»، وقال «علمت بالاستشهاد من أحد الغروبات الاخبارية، وكان هذا قاسياً جداً، الشهداء ليسوا سبقاً».
حتى ساعة متأخرة من ليل أمس استمرت أعمال رفع الأنقاض من المبنى المستهدف في مدينة النبطية بأكثر من 5 صواريخ اطلقتها مسيّرة إسرائيلية ليل الأربعاء، وأسفرت المجزرة عن سقوط 7 ضحايا من عائلة برجاوي هم: حسين الأب وزوجته وابنته وحفيده وشقيقته وابنتها، فيما نعى «حزب الله» أربعة من عناصره. مدينة النبطية لم تستفق بعد من هول المجزرة، فاستمر اقفال الدوائر الرسمية والعامة والمدارس لليوم الثاني على التوالي، في حين بدت الحركة داخلها شبه خجولة.
قرب المبنى المستهدف يقف علي بو خدود وهو صاحب محل لبيع الملبوسات قبالة المبنى، قال إنه «أقفل المحل قبل 5 دقائق فقط، غير أنّ الصوت كان أقوى من أي شيء، 6 صواريخ سقطت في المبنى، بعضها سقط واخترق السقف، وبعضها اخترق الجدار، وسكان الطبقة الثالثة كانوا يجلسون في غرفة الجلوس حين عبر الصاروخ سقف المطبخ في اتجاه شقة برجاوي». غادر معظم سكان المبنى إلى المحيط، فالمبنى غير آمن وغير صالح للسكن، من جرّاء التصدعات التي أصابته، في انتظار اخضاعه للتأهيل.
مصادر أمنية أكدت لـ»نداء الوطن» أنّ الاستهداف كان مباشراً لشقة برجاوي، لافتاً إلى أنّ «نوعية الصواريخ المستخدمة دقيقة وموجّهة تخترق الجدار وتنفجر في المكان المقصود». وعلى ما يبدو، تأثير المجزرة ما زال قوياً على المدينة والقرى، التي تترقب الردّ وتداعياته.