كان من المنتظر أن يحل شربل نحاس أمس ضيفاً على أحد النشاطات في النبطية، لكن الموعد أجّل. الجلسة مع نحاس، «الناشط في حركة «مواطنون مواطنات في دولة»»، كانت لتدفع قدماً حماسة عدد من الناشطين والمستقلين الذين أبدوا رغبتهم في الترشح للانتخابات البلدية عن مدينة النبطية.
ومن المرجح أن يكون لنحاس والحركة التي أعلنت خوض الانتخابات في المناطق كافة، دوراً في تحريك المشهد الذي يقيّد له أن يكون مقتصراً على «صاحبي» المجلس البلدي الحالي، حزب الله وحركة أمل، إذ يعكف الثنائي المتوافق على إنتاج بلدية بالتزكية، تحسب عليهما بشكل رئيسي، على أن يتمثل تحت جناحيهما من يحوز الرضى من المستقلين والأحزاب.
إلى حين تبلور خطة «المواطنين والمواطنات»، وفتح باب الترشح رسمياً، بادر عدد من الشباب إلى دق طبول معركة التغيير المنشود ورشحوا أنفسهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي نطاق تحركهم. أوّلهم كان الناشط أحمد ياسين الذي يرفض تصنيف الانتخابات البلدية بأنها «مبارزة لتحديد أحجام التمثيل السياسي». يصف نفسه بـ»مرشح الشباب»، فوضع برنامجاً انتخابياً يقول إنه «يشبه آمال الكثير من الشباب، من معالجة أزمة النفايات وخلق المشاريع التنموية الصغيرة التي توفر فرص عمل وتأهيل البنى التحتية إلى استحداث بديل لكهرباء لبنان بالتعاون مع أصحاب المولدات»! إلى ياسين، تضم لائحة المرشحين الذين لم يتبنّاهم الحزب وأمل، الناشطين علي نقر ومحمد سلوم والناشط في الحزب الشيوعي علي مالك بدر الدين. على مسافة أكثر من شهر من انتخابات النبطية، ينتظر أن تستعر المعركة بدءاً من الأسبوع الجاري، لا سيما بين الناشطين والناشطات الذين نفذوا الحراك الشعبي في المدينة بالتزامن مع تظاهرات بيروت الصيف الماضي احتجاجاً على أزمة النفايات (اعتصامات يومية نفذت أمام مبنى سراي النبطية).
سمحت بلدية كفررمان لمتعهد جمع النفايات برميها من دون معالجة فوق تلتين
لو قيد لمعارضي ثنائي التوافق الاطلاع على خلافات البيت الواحد، لكانت شكلت لهم دفعاً إضافياً لخوض المعركة. واللافت أن تلك الخلافات لا تزال تستعر، رغم اقتراب موعد اختبارها والحاجة إلى رص الصفوف. آخر «الحزازات» فضحها المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس اتحاد الشقيف محمد جابر.
فقد خصص الأخير يوم الجمعة مؤتمراً صحافياً ليعلن أن سبب تجدد أزمة النفايات في النبطية هو عدم توافر مطمر لطمر العوادم الناتجة من معمل الكفور لمعالجة النفايات. وفي حين كان تشغيل معمل الكفور سيسوّق في الحملة الانتخابية على أنه أبرز إنجازات الاتحاد، انكشف سريعاً تعثر الشركة التي فازت بمناقصة تشغيل المعمل (دنش ولافاجيت)، وأدى إلى تراكم أطنان النفايات داخل المعمل ورمي أطنان أخرى في مكبات عشوائية في عدد من بلدات النبطية. لكن مؤتمر الدفاع الذي دعا إليه رئيس الاتحاد المحسوب على حركة أمل، قاطعه رؤساء البلديات الأعضاء، ما عدا رئيس بلدية زوطر الشرقية، لا سيما تلك المحسوبة على حركة أمل (18 من أصل 29). مصادر مواكبة لفتت إلى أن المقاطعين من رؤساء بلديات وجمعيات ونقابات، لبّوا رغبة أحد القياديين المعنيين بالشأن البلدي في «أمل» (بسام طليس) الذي لم يكن موافقاً على عقد المؤتمر. إثر انتهاء المؤتمر، تلقّى جابر اتصالاً من بري الذي بحسب شهود عيان «مدّه بجرعة دعم».
ولم يأت جابر على ذكر التنبيه الذي وجهه قبل أسبوعين إلى الشركة بسبب تراكم النفايات في أرجاء المعمل من دون معالجة والبطء في استقبال كميات جديدة، بل ربطها بتأمين مطمر للعوادم لن يكون جاهزاً قبل عام واحد. حتى ذلك الحين، «أطلق صرخة مدوية لمساعدتنا في تأمين مطمر مؤقت، وإلا فسنواجه في المدى القريب مشكلة تهدد المعمل بالتوقف عن العمل».
وفي حال عدم إيجاد تدبير سريع، أشار إلى «أننا سنجد أنفسنا مرغمين على أحد خيارين: إما أن تؤمن الدولة عقاراً يستخدم كمطمر صحي مؤقت لتخزين العوادم في انتظار إنشاء المطمر الصحي، وإما أن تؤمن كل بلدية مطمراً صحياً للعوادم الناجمة عن فرز ومعالجة نفاياتها». وفي كلتا الحالتين، تعهد جابر بأن «يقوم الاتحاد بكل واجباته بنقل النفايات إلى المعمل ومراقبة عمله والعمل على تحسين أدائه وتطويره وطمر العوادم». ورداً على سؤال، أقرّ جابر بعدم جاهزية الشركة التي التزمت جمع النفايات ونقلها إلى المعمل بكلفة 10 دولارات للطن الواحد في مقابل 21 دولاراً لمعالجته، لكنه لفت إلى أننا «نراقب أداءها بعد أن تعهدت بزيادة عدد الآليات والمعدات».
هل اكتشف المعنيون الحاجة إلى المطمر الآن بعد مرور ثمانية أشهر على تلزيم مناقصة تشغيل المعمل؟ أم أن الهدف هو تبرير سوء أداء «دنش لافاجيت» التي بحسب ما قال جابر نفسه، في وقت سابق، إنها تعمل لغاية الثانية بعد الظهر وتشغل ربع عدد العمال المطلوب وتؤخر إفراغ الشاحنات وتصريف البلاستيك والكرتون إلخ…؟ وهل التهديد بتوقف المعمل في حال عدم إيجاد مطمر، تمهيد صريح لإعادة استخدام مكب الكفور؟ علماً بأن أهالي الكفور يرصدون منذ حوالى شهر شاحنات ترمي النفايات من دون معالجة، ما دفعهم إلى إقفال الطريق المؤدية إليه بجرافة. الأسوأ أن مصادر في الاتحاد تحدثت عن اعتماد مكبات عشوائية في الدبشة (كفررمان) وميفدون وزوطر، للتخلص من النفايات بدلاً من تراكمها في الشوارع، في ظل تعثّر عمل المعمل. وبالفعل، فقد سمحت بلدية كفررمان لمتعهد جمع النفايات برميها من دون معالجة فوق تلتي الدبشة وعلي الطاهر اللتين كانتا موقعين للاحتلال الإسرائيلي.
يُذكر أن الاتحاد نفسه سبق أن ألغى مناقصة لأنها رست على شركة أصحابها مقرّبون من حزب الله، وأعاد المناقصة لتفوز «دنش لا فاجيت» (مالكوها مقرّبون من حركة أمل).