IMLebanon

الأزمات تتوالى… و”قبضايات” لحماية أصحاب المحطات

 

المحالّ التجارية فارغة في النبطية والسوبرماركت مدينة أشباح

 

 

تتواصل عذابات اللبناني مع أزماته، الجبنة واللبنة محظورتان عليه، فأسعارهما “جنونية”، حتى ربطة الخبز المفترض بيعها بـ3250 تُباع في بعض دكاكين النبطية بـ3500 ليرة بحجّة أن الـ250 “مش محرزة”، في تأكيد على أنّ الدكاكين تفرض أسعارها كما يحلو لها، ويستغلّ اصحابها فلتان السوق غير المراقب حتى من مراقبي الاقتصاد وحماية المستهلك.

 

 

 

البن إختفى من رفوف متاجر كثيرة بعد رفع سعره، والبحث عنه شغل المواطن الشاغل، مثله مثل البنزين علّة العلل في منطقة النبطية، اذ تحوّلت كل محطة الى فيدرالية بحد ذاتها، يسيطر عليها “القبضايات” لحماية صاحب المحطة من فورة غضب الناس، ومن الاشكالات المتنقّلة، هذا عدا عن تذرّع العديد من اصحاب المحطات بها للاقفال ولو كانت خزاناتهم “مفوّلة”، فهذه الكمية مخبأة لحين رفع الدعم وارتفاع سعر صفيحة البنزين المتوقع ان تسجل 60 و70 ألفاً إن توفرت المادة وِفق سعر الدعم الجديد 3900. أما معاناة المواطن اليومية فهي خارج حسابات اصحاب المحطات، كما الدولة، الذين يتسابقون لافتعال الازمات اكثر، وفرضها عليه ليستسلم لرفع الدعم من دون أي ردات فعل على قاعدة “ارفعوا الدعم ولكن ليتوفر البنزين”، وغاب عن بال الجميع انه بمجرد ارتفاع سعر صفيحة البنزين والمازوت فإن كافة السلع الحياتية سترتفع تباعاً، على قاعدة ” البنزين مرتبط بكل السلع”.

 

 

 

دخلت النبطية ومنطقتها في قلب الازمة فعلياً، بدا واضحاً من تراجع حركة السيارات على الطرقات بسبب فقدان البنزين، وأضيف اليها تراجع القدرة الشرائية وهذا ما تترجمه المحال التجارية الفارغة. السوبرماركت تبدو مدينة اشباح بعدما فقد المدعوم منها، وكذلك الحال داخل محال الخضار التي تشهد اعلى موجة غلاء منذ بداية الأزمة، لتلاعب التجار بالأسعار والتهريب والتصدير وكلّه على حساب المواطن الذي بات صعبا عليه شراء كيلو كوسى وباذنجان، حتى من عند “بيّ الفقير” الذي ارتفعت الاسعار عنده بنسبة 25 بالمئة، فيما سجلت نسبة الارتفاع في باقي المحال 75 بالمئة وأكثر.

 

إزاء هذا الواقع المرير تحرّكت دوريات لأمن الدولة فأجرت “كبسات” على عدد من المحطات وفرضت عليها ان تفتح وتزوّد الناس بالمحروقات، بعدما تبين لعناصرها أن خزاناتها تحوي كميات كبيرة من البنزين. فأقل محطة في خزّانها قرابة الـ7000 ليتر وهو ما قالت عنه مصادر مواكبة لعملية المداهمة “احتكار السوق السوداء يجب ايقافه”، وأكدت أن “معظم المحطات تعمد الى تفريغ خزاناتها وبيعها في السوق السوداء، فيما يقفل البعض ويطفئ الأضواء بحجة “ما في بنزين”، وهذه الذرائع باتت مكشوفة وتجري ملاحقة ومتابعة كل المحطات للتأكد من توفر البنزين لديها أو عدمه”. وأكدت أن “لعبة المحطات يجب وقفها لانها تذل الناس يومياً، وتجبرهم على الشراء من داخل السوق السوداء، فتسخّر كل محطة مجموعة من الشبان لبيع المخزون، بحيث وصل غالون البنزين 10 ليتر الى 100 ألف ومتوقعاً ان يرتفع أكثر في ظل حاجة الناس للمادة وفقدانها من المحطات”.

 

مما لا شك فيه ان حملة امن الدولة تركت انعكاساً ايجابياً لدى المواطن، غير أنه يخشى ان تكون حملة عابرة تتكرر كل شهر مرة. “قرفنا”، يردّد الشاب أحمد الذي يعمل “دليفري” على خط قرى النبطية، بعدما حاول الحصول على البنزين لدرّاجته النارية ولم يوفّق، ويعتبر ان عمله توقف وبالتالي خسر معاشه، والحق برأيه “على شعب لم يتحرك ليطالب بحقّه، ويرضى بكل الذل”.

 

الذلّ نفسه يواجهه سائقو السيارات العمومية الذين يضطرون للوقوف ساعات في الطوابير ليحصلوا على بنزين بـ30 ألفاً، كمية لا تكفيهم للعمل ولا لاصلاح عطل طارئ في السيارة، وفق ابو محمد، السائق العتيق، التاكسي صارت اذلالاً بلبنان، بعدما بات عليه الوقوف لاكثر من 5 ساعات في الطوابير لتعبئة كمية لا تمكّنه من العمل ساعتين. في المبدأ دخلت منطقة النبطية في قلب الحصار، وبدأت مفاعيله تظهر تدريجياً من خلو الشوارع من السيارات، والمحال والدكاكين من الزبائن، فالأسعار المطروحة أكبر من قدرة مواطن بات همّه تأمين بنزين ودواء ولقمة عيش.