IMLebanon

هل يجترح برّي مُعجزة تمرير الجلسة التشريعيّة أم يُحشر في مقولة «لا رأي لمن لا يُطاع» ؟!

في «ديوانية» الاربعاء لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري لاحظ بعض حضورها المرارة التي تختصر واقع حاله، «فأبو مصطفى» صاحب المعجزات والمخارج السياسية الى حد انه كان بمقدوره «ادخال الجمل من خرم الابرة»، يقف عاجزا عن جمع شمل النواب من الفريقين الاذاريين لانتخاب رئيس للجمهورية، اضافة الى غياب الجلسات التشريعية بسبب الخلافات على جنسها بين الرافضين لها بسبب شغور الموقع الاول في الدولة والقائلين بتشريع الضرورة، فقد اعلن بري في «ديوانيته» الاربعاء الماضي الى انه سيدعو هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع لدرس واقرار جدول الجلسة التشريعية العامة المقبلة لاحقا، عسى ان تسير عجلة الدولة في ظل خطورة الروائح «للفوضى الخلاقة» التي اطلقتها الادارة الاميركية على لسان الوزيرة السابقة كونداليزا رايس فاذا ما يسمى «الربيع العربي» يتحول الى ربيع للتكفير والتطرف وزالت حدود رسمتها اتفاقات دولية ليحل مكانها دويلات تسعى الى تثبيت اقدامها على ارض الميدان في ابشع صور للذبح والسبي وتحريف التاريخ بحضاراته الضاربة في عمق آلاف السنين واقتلاع الاقليات والنفخ الغربي لاطلاق فتنة سنية – شيعية.

محيط الرئيس بري تقول اوساط مقربة منه انه مقل في الكلام على خلفية المثل: «لا رأي لمن لا يطاع»، فالرئاسة الاولى مؤجلة للمرة العشرين والحكومة مقيدة باصفاد الشلل، وكذلك المجلس النيابي الممنوع عن التشريع الا للضرورة هذا اذا كانت هناك ضرورة ووفق الاوساط نفسها، فإن رئيس مجلس النواب يتحسس يوميا جدران الهيكل خشية ان يسقط على رؤوس الجميع، فـ«داعش» على الابواب العرسالية وفي داخل البيت عبر الخلايا الراقدة وما يزيد من مرارته كيف اصابت نعمة «الطرش» آذان اللاعبين وكأن البلد ينتمي الى العمق الاوروبي وليس في فم التنين التكفيري، فاصوات آلاف القذائف لا يسمعها المعنيون في زمن تباد فيه المدن والانظمة والدول، وما يقلق بري ليس الغباء السياسي الضارب على الرقعة بل ان يعيد التاريخ نفسه فيوم حاصر محمد الفاتح القسطنطينية كان هم جهابذتها الجدل حول جنس الملائكة وقبل ان يصلوا الى نتيجة هل هو ذكر ام انثى كانت الانكشارية العثمانية تدك بيزنطية، وكذلك هو واقع الحال على الرقعة المحلية التي لا تزال الاقل تضررا من محيطها، فبدل ان يتلقف الاقطاب المعنيون الفرصة التي سنحت ذات جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية ضربوا بها عرض الحائط ليصبح انجاز الاستحقاق الرئاسي مرهوناً بتوافقات اقليمية دولية.

وتشير الاوساط انه كلما ذاب الثلج كلما ازدادت هواجس بري من الربيع القادم الذي سيكون ساخنا امنيا فخسارة «داعش» في العراق سيدفع بالتكفيريين التعويض عنها في الخاصرة الرخوة لا سيما وان التعاون اللبناني السوري المطلوب لسحق الارهاب ممنوع لاسباب لا تخفى على احد. كما يعرف كافة اللاعبين ان بري يشكل هدفا ذهبيا للتكفيريين كونه لا يزال يشكل اخر قناة تواصل بين الاخوة الاخصام كي لا نقول الاعداء، فابان التمديد للرئيس اميل لحود نجح رئيس مجلس النواب باختراع طاولة الحوار وجمع حولها الاقطاب جميعا في ظل مقاطعتهم للحود آنذاك. وتفنن في فك الاعتصام من الوسط التجاري الذي كان يحاصر السراي ايام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي انفرط عقدها، وكان من ابرز اللاعبين في «اتفاق الدوحة» الذي انتج الانتخاب الرئاسي وتشكيل حكومة السنيورة – 2 واجراء الانتخابات النيابية في العام 2001.

وتضيف الاوساط انه في ظل العتمة التي ضربت المنطقة وغطت سحبها الساحة المحلية وعلى الرغم من ارتفاع الشحن المذهبي السني الشيعي منذ اندلاعة الزلازل في الجوار، نجح بري في انتاج ورشة الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» والحق يقال بان الورشة وفرت على اللبنانيين جميعا نار جهنم، فانطلقت الخطة الامنية في الشمال الذي استكان بعد 21 جولة من الاقتتال العلوي – السني في طرابلس، وسقط سجن رومية كفندق 5 نجوم ليعود التكفيريون الذين كانوا يديرون العمليات الارهابية من داخله الى سجناء عاديين وفقدوا الامتيازات التي حولت «المبنى ب» منه الى امارة اسلامية.

ويبقى السؤال: هل ينجح بري في اقناع جنبلاط بعدم تقديم استقالته في ايار من باب «المونة» عليه كون ملء الشواغر الفرعية ضرب من الاستحالة في الظروف الاستثنائية لا سيما وان المعركة مع التكفيريين المرتقبة يعرف الجميع كيف تبدأ ولكن لا احد يعرف كيف تنتهي وهل يعي السياسيون حجم المخاطر الوجودية المحدقة بنا، اليس بري صاحب موقف «اللهم اشهد اني قد بلّغت» ما يعيد الى الاذهان المثل الشعبي المأثور كنت اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي؟