من حرق صورة الرئيس نبيه بري في الخيام؟ وهل لإحراقها علاقة بالانتخابات النيابية ام هناك اسباب اخرى؟ سيناريوات عدة سادت المشهد العام في بلدة الخيام وقد عاشت توتراً محدوداً قبل ان تتدخل الاحزاب لقطع دابر الفتنة ورأب الصدع. فللبلدة وضعية حساسة نوعاً ما، وجاء حرق الصورة من قبل مجهولين بمثابة رمي الزيت فوق نار الخلافات الراكدة تحت الرماد، صحيح ان أحدا لا يعرف من حرقها، لكن السؤال المطروح هل لحرقها علاقة بتجييش التأييد الشعبي المهزوز تجاههم، أم له علاقة بالحديقة العامة المزمع افتتاحها؟
سيناريوات ثلاثة رافقت المشهد الخيامي، الاول يفترض ان لحرق الصورة علاقة بزيارة السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى عين التينة، والثاني خلاف بين الاحزاب حول تسمية الحديقة العامة التي تنتشر حولها صور الرئيس بري، ووفق مصادر فاعلة من داخل البلدة، فإن الارجحية تعود لهذا السيناريو، خاصة وان هناك فريقاً يعترض على التسمية وآخر يؤيدها، لافتة الى أنه بدل الخلاف على صورة كان الاجدى الالتفات الى جوع الناس وفقرهم، وبدل تجييش الشعب حول صورة زعيم الاجدى تجييش الحكومة لمعالجة الازمات المعيشية وتأمين الحد الادنى من مقومات الحياة، غير انه وفق المصادر، فإن الاحتجاج على حرق صورة الزعيم أقوى واهم من الاحتجاج على سرقة لقمة الناس وحرمانهم حق الطبابة والتعليم والغذاء والتدفئة وغيرها..
اما السيناريو الثالث الذي انتشر فيفضي الى ان من حرق الصورة هو طرف ثالث يريد خلق فتنة وشرخ بين الثنائي في القرى على بعد اشهر من الانتخابات النيابية.
في المحصلة، مر قطوع حرق الصورة على خير، بعد تدخل حزبي رفيع المستوى، غير أن الإنتخابات النيابية لن تمر على خير وسلام، اذ يدرك القاصي والداني أن الأحزاب متزعزعة، وفكرة الاستفتاء الشعبي الواسع لن تكون بمتناول الجميع، فهناك عدة اعتبارات تتقدم الواجهة، تبدأ بماذا قدمتم للقرى، وتنتهي بماذا فعلتم بالناس، وبينهما تبرز سلة متكاملة من الازمات والانتهاكات المعيشية التي لعب النواب دوراً في تأجيجها ناهيك عن أن غياب ضغطهم لوضع حد لمهزلة الدولار والغلاء وحاكم مصرف لبنان دفع بالناس لرفضهم.
طبول المعركة الانتخابية بدأت تقرع، واولى بشائرها الاضراب الشامل لقطاع النقل العام، وتشير مصادر متابعة الى أنه طال حتى القطاعات التابعة للاحزاب والتي اعلنت الالتزام بالاضراب على غير عادة، وهو امر تعيده المصادر الى ان المحرك الاكبر للتحرك النقابي هو الاحزاب نفسها، كنوع من رسالة مبطنة الى الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي، وإن كان القطاع العام بات في «كوما» والعاملون فيه وضعهم بالارض، فهل يكون اليوم فعلاً يوم غضب عام، ام سيكون التحرك كسابقيه؟
اجراس المعركة الانتخابية
وعلى وقع طبول الأزمات المعيشية، يقرع النواب اجراس معركتهم الانتخابية، معركة يبدو انها ستصطدم برفض شعبي عارم، خاصة وانهم لم يلبوا طموحات الناس، ولم يعالجوا اي أزمة إشتعلت طيلة السنوات الماضية…
حتما القاعدة الشعبية هذه الايام ليست كما كانت عليه قبل اعوام، سلسلة اسئلة يوجهها ابناء منطقة النبطية لنوابهم ماذا قدمتم لنا؟ وأين كنتم زمن الازمات؟ ماذا فعلتم بأزمة النفايات؟ ولماذا لم تفلحوا في فتح معمل الفرز؟ وهل التجاذبات الحزبية أكبر من صحة الناس؟
اذاً، فشل النواب ومن خلفهم الاحزاب في ايجاد مخرج لمعضلة معمل ومكب النفايات، وكانت التجاذبات الحزبية اكبر، اذ وفق الاتفاق فإن المكب تستلمه شركة تابعة لحركة «امل»، والمعمل تديره شركة تابعة لـ»حزب الله»، غير ان الخلافات أطاحت بكلا الامرين وتحولت قرى النبطية مكبات مفتوحة على مخاطر جمة. حتى ان النواب انفسهم لم يكلفوا انفسهم معالجة ازمة الحفر في الطرقات العامة، ولا الاضاءة الغائبة عنها والتي كبّدت المواطنين خسائر كبيرة في الارواح، ولم يطرحوا مشاريع تنموية واقتصادية، ولم يعالجوا ملف المياه. كل ذلك واكثر يحفظه الناس لنوابهم ليصوتوا على اساسه في صناديق الاقتراع، وعليه، سيكون الصوت التفضيلي لوجعهم …