IMLebanon

رهان خارجي على بري لتفريغ «أكثريّة» حزب الله… و«الفراغ» يتقدّم

! «إنزال» أميركي استخباراتي «لفرملة» التقارب الإيراني- السعودي… ؟ لبنان يُراهن على التسوية الإقليميّة… سباق بين «الستاتيكو» والفوضى

 

لا يخفي «الصخب» الدائر انتخابيا ، اهمية وخطورة الاستحقاقات الداهمة بعد 15ايار، وفيما تستخدم الاحزاب السياسية «المتكالبة» كل «الاكاذيب» للحصول على اصوات الناخبين المترددين والناقمين على المنظومة السياسية ، عبر اقناعهم بان الانتخابات حدث مصيري سيكون له «ما قبله وما بعده»، «تتأرجح» المرحلة المقبلة بين احتمالين:

 

– الاول: يقوم على اعتبار ان «التفاهم» بين طهران والرياض «بات قريباً»، ولا داعي للهلع لبنانيا، لان فترة «الانزلاق» نحو «الهاوية» ستتم «فرملتها» على الاقل لـ 6 اشهر قادمة، ريثما يتم انتاج الصيغة السياسية التي ستحكم البلاد للسنوات الست المقبلة ، اي ان لبنان سيدخل مرحلة من «الستاتيكو» ريثما يتم التفاهم على التفاصيل.

 

– الثاني: يرجح عدم حصول «انقشاع» سريع «للصورة» الاقليمية ما ينذر بمعركة كبرى بعد الانتخابات، حول توازنات الحكومة المقبلة، ومَن سيمسك بالأكثرية وبـ «الثلث المعطِّل» في ظل مخاوف من عدم حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده، ما يجعل مقاليد السلطة التنفيذية بيد مجلس الوزراء.

 

المعطيات المتفائلة تتبناها جهات اقليمية وازنة ابلغت المسؤولين اللبنانيين، ان جولات إضافية من المحادثات الايرانية- السعودية ستعــقد بدءا من الاسبوع المقبل تمهيدا لاستئناف العلاقات الديبلوماسية بين الطرفين، على ان يدخل البلدان في فترة «اختبار للنوايا» على عدة جبهات، ومنها الساحة اللبنانية التي تبدو واحدة من اقل الملفات تعقيدا، وهذا ما يفتح «الباب» امام احتمال حصول انعكاسات ايجابية ستترجم بالحد الادنى بوقف الانهيار وبداية البحث عن حلول مــستدامة للخروج من «النفق المظلم.

 

ولفتت تلك الاوساط الى ان كلام رئيس الحكومة العراقي الكاظمي عن تعامل الجانبين بمسؤولية عالية ازاء متطلبات الوضع الحالي، وتوقعه حصول انفراجة حقيقية واسعة في علاقات دول المنطقة، ليس كلاما للاستهلاك المحلي العراقي، وانما بناء على التقدم الكبير الذي شهدته الجولة الخامسة التي عقدت في العشرة الاواخر من رمضان في بغداد، والتي تستعد لاستقبال جولة حاسمة في الايام القليلة المقبلة، والكاظمي الذي حضر شخصيا في جانب كبير من المحادثات، بات على يقين بحصول ترجمة عملية لهذا التقدم في وقت قريب، وقد يكون «اول الغيث» الاعلان عن استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كمقدمة لتفاهمات كبرى حول الملفات الشائكة في الاقليم، خصوصا ان الجانبين فتحا ربما للمرة الاولى الهواجس الامنية المتبادلة «بصراحة» تامة، واقتربا من الاتفاق على حدود مصالح كل دولة غير القابلة «للانتهاك» من قبل الجانب الآخر، وهذا بحد ذاته يعتبر «مفتاحا» مهما لحل مختلف القضايا الشائكة.

 

في المقابل، ابدت مصادر مطلعة على مسار التفاوض الايراني- السعودي، خشيتها من «الانزال» الاستخباراتي الاميركي في السعودية نهاية الشهر الماضي، حيث وصل الى الرياض ،على نحو مفاجئ، مديرالمخابرات المركزية الأميركية ويليام  بيرنزحيث والتقى «سراً» ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر، واذا كان جزء من اللقاء هدفه اعادة «الحرارة» الى العلاقة الاميركية مع المملكة، الا ان الاميركيين اعربوا عن رغبتهم بحصول تنسيق ثنائي حيال اي تقارب مع طهران، لان الادارة الاميركية تخشى ان يستخدم الايرانيون تحسن العلاقات مع «جيرانهم» السعوديين على «طاولة» المباحثات في فيينا، ولهذا طلبوا من السعوديين «فرملة» اي اندفاعة في العلاقات مع ايران ريثما ينجز التفاهم النووي بتفاصيله الاخيرة.

 

وتعتقد تلك الاوساط بان الاسبوع المقبل سيكون «مفصليا» في جولة المحادثات الجديدة، اذا ما عقدت في موعدها، لان ما سيحمله الوفد السعودي سيكشف مدى الجدية في حصول التقدم المأمول، لان ثمة شكوكا ايضا عند الايرانيين بان تستخدم الرياض ملف العلاقات «الثنائية» لاستفزاز واشنطن واستدراجها الى «طاولة» الحوار، بعدما ادارت الادارة الاميركية «ظهرها «لمصالح المملكة الامنية. وعلم في هذا السياق، ان زيارة المسؤول الاميركي لم تثمر عن تفاهمات تامة حول الملفات العالقة، لكنها برّدت قليلة من حماوة التوتر بين الجانبين، وفتحت «كوة» يمكن الرهان عليها لاجراء محادثات مستقبلية «بناءة». وبناء عليه يبقى «الانتظار» سيد الموقف وسيعرف قريبا ما اذا كان السعوديون راغبين جديا بتحسين العلاقات مع طهران قريبا، وتبقى الخشية من نجاح الاميركيين في «كبح» الاندفاعة السعودية، ومحاولة الرياض استخدام ملف العلاقات مع ايران كوسيلة للضغط على الاميركيين؟

 

وبانتظار تبلور الموقف الاقليمي، ليس بالامر السهل الحديث عن «ايجابية» او «سلبية» مطلقتين على الساحة اللبنانية، فالامور مفتوحة على كافة الاحتمالات، بحسب مصادر سياسية بارزة، لكن ما هو ثابت ان معركتي الحكومة ورئاسة الجمهورية فتحتا في «الكواليس» مبكرا، لسبب وجيه سببه «رهان» خارجي على دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في «كسر» اي اكثرية مفترضة في مجلس النواب المقبل لحزب الله وحلفائه، فالتحالفات الظرفية القائمة الآن مع التيار الوطني الحر ستنتهي صلاحيتها بعد الانتخابات، وسيكون بري «رأس حربة» في تقويض اي طروحات متطرفة «للتيار» ورئيس الجمهورية، لفرض وقائع سياسية ودستورية ترهن الاستحقاق الرئاسي بتشكيل الحكومة، وهو ابلغ من «يعنيهم الامر» بان «الابتزاز» مرفوض في هذين الملفين، واي محاولة «لاقصاء» الاقلية النيابية في المجلس الجديد لن يوافق عليها، كما لن يسمح بزيادة «الاحباط» السني الذي خلفها «تعليق» الرئيس سعد الحريري عمل تياره السياسي، وهو يعتبر ان تشكيل الحكومة الجديدة فور إنجاز الاستحقاق النيابي اولوية مطلقة، ولن تكون جزءا من عملية المساومة المفترضة من التيار الوطني الحر على هوية الرئيس المقبل. اي عمليا لا تغيير بالخارطة السياسية في ضوء نتائج الانتخابات، مع الاخذ بعين الاعتبار ان وليد جنبلاط يبقى الحليف الاول لبري، ولا «غنى عنه»…

 

ولكن هذه الرهانات الخارجية لا تبدو كافية، فالاهتمام بعدم انزلاق البلاد الى حكم «طرف» واحد، يبدو «ساذجا»، برأي اوساط مطلعة، لان ملف تشكيل الحكومة الجديدة الذي طرحه الفرنسيون انطلاقا من ان بري ضمانة جدية لعدم حصول اخلال بالتوازنات على نحو يؤدي الى واقع جديد غير مألوف في البلاد، لا يعالج الازمة الحقيقية، لان حزب الله بذاته لا يرغب بحكومة «اللون الواحد»، او الحكم المنفرد للبلاد.

 

فالمشكلة لا يمكن تجاوزها بالحديث ان الجميع يتعامل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أنه المرشح الوحيد لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، وان كان يشيع اجواء تفيد بانه لن يكون رئيسا للحكومة «باي ثمن»، لان السؤال الاهم يبقى: هل ترغب القوى السياسية وبعض الخارج بتشكيل حكومة جديدة قبل اشهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون الرئاسية؟ فالمجلس النيابي سيتحول قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس عون إلى هيئة ناخبة، تبقى جلساتها مفتوحة إلى حين انتخاب رئيس جديد، وبالتالي لا يحق لها طوال هذه الفترة القيام باي عمل آخر، اي ان المدة الفاصلة عن الاتفاق على الحكومة لا يتجاوز عمليا ال3 اشهر، وما لم تحصل التسوية الخارجية ستغرق البلاد في «فراغ» طويل الامد في ظل اسوأ ازمة اقتصادية مرشحة لمزيد من التفاقم ما سيشرع «الابواب» أمام الفوضى، فتعذر حصول انتخابات رئاسة الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس عون في نهاية تشرين الأول المقبل، يعني حكماً أن السلطة ستنتقل إلى الحكومة المقبلة، ولهذا بدأ «الكباش» المبكر حولها في ظل رغبة بحصول «صفقة» متكاملة رئاسية – حكومية، وهو امر ليس في «متناول اليد»، وهذا يرجح بقاء حكومة ميقاتي بعد تحولها الى حكومة تصريف الاعمال اي الانتقال الى مزيد من «الشلل» والانهيار…الا اذا؟!