IMLebanon

هل تكفي الورقة البيضاء؟

 

 

تبدأ المحطة الأولى للتغيير بالتعامل السليم، مع التجديد المطروح والمفروض لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يريده الثنائي تأبيداً للمنظومة، وللمايسترو الأنجح فيها الذي أدار وسيدير فور التجديد له، سياسة إبقاء الوضع على ما هو عليه، خلافاً لنتائج الانتخابات التي قلبت الوضع رأساً على عقب.

 

التجديد لبري سيكون الامتحان الأول والأصعب للكتل النيابية المنبثقة من انتخابات 2022، التي ستجد نفسها أمام اتخاذ موقف مشترك من طبخة التجديد، ومن رئيس مجلس النواب المقبل الذي، إن نجح الثنائي بفرضه، سيكون المعرقل الأول والخصم الأول بالنيابة عن أركان المنظومة، لمدّ التغيير الجارف الذي أفرزته الانتخابات.

 

انطلاقاً من هذا الامتحان بدأت القوى النيابية بما فيها تكتل 17 تشرين المتوقع أن يكودر نفسه سريعاً وقريباً، اتصالات لإنتاج موقف مشترك، الواضح أن حدّه الأدنى التصويت بورقة بيضاء في وجه التجديد لبري، أما حدّه الاقصى فيمكن أن يصل إلى مقاطعة جلسة التجديد من أمام ساحة البرلمان، مع رفع مضبطة اتهام تتضمن صور من أصيبوا في ثورة 17 تشرين برصاص شرطة المجلس، ومضبطة أخرى تتعلق بالتحقيق في مرفأ بيروت الذي تعطلت تشكيلاته القضائية في وزارة المال، وأخرى تتعلق بانتظام عمل المجلس المعطل بأدراج اللجان والاستنسابية في عقد الجلسات، وامتلاك مفتاح القاعة العامة للمجلس، بحيث يقفل ويفتح حسب التوقيت السياسي للثنائي. من الآن يمكن القول إن معظم نواب الكتل الحزبية والمستقلين ونواب 17 تشرين، باستثناء كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي قد حسموا موقفهم بعدم التصويت لبري، وهذا الحسم سينتج موقفاً موحداً سيؤدي إلى إعادة الانتخاب بأصوات «حزب الله» وحلفائه، كما سيؤدي من جهة ثانية إلى المزيد من الإحراج لـ»التيار الوطني الحر»، الملزم من «حزب الله» برد الجميل لحركة «أمل» التي ساهمت بنيل أربعة مقاعد عونية. هذا الإحراج لن يتمكن النائب جبران باسيل من الخروج منه إذا ما اعتمد صيغة ترك الحرية لنوابه، فهذه الصيغة ستكون مجرد اختباء من فعل مؤكد، يكرّس عدم امتلاك باسيل حرية القرار، متى قال «حزب الله» كلمته.

 

التصويت ضد بري، سيكون هذه المرة محرجاً للنائب جنبلاط، لكن إحراج الأخير لن يكون صارخاً كما الذي سيتعرض له باسيل، وقد شن معركته الانتخابية متحالفاً مع بري في اللوائح ومهاجماً إيّاه على المنابر.

 

الاتصالات بين معارضي التجديد لبري انطلقت، ولا يبدو خيار مقاطعة الجلسة بعيداً من الحسابات، خصوصاً في تجمع نواب 17 تشرين الذي على ما يبدو سيكون له الدور الطليعي، في السير بمعارضة جذرية للنهج السابق، الذي كان يبدأ بانتخاب بري من دون أثمان ولا ينتهي بتشكيل حكومات محمد رعد للوحدة الوطنية، التي كان يفرضها الحزب من خلال تفاهم زعامات المسيحيين والسنة والدروز، بحيث تتوزّع الحكومة بين محاصصات مدروسة، ويوكل إلى «حزب الله» إمساك قرار السياسة الخارجية وقرار الحرب والسلم، ويتولى هو حماية المنظومة الغارقة في تقاسم الدولة ومواطنيها. تغيرت المعادلة في انتخابات 2022 بدخول مكون الثورة إلى المجلس، وكما قال أحد اعضائه وضاح الصادق، فإن التجديد لبري سوف يعني «أننا لم نعد تغييريين»، وتبعاً لذلك يتخذ خيار مقاطعة الجلسة بعداً جدياً، لا سيما أن عدداً من الكتل والمستقلين لم يعودوا بعيدين عن مشاركة نواب 17 تشرين بالمقاطعة، حتى ولو كلف الأمر اتهامهم بالتعطيل، الذي هو بالاصل صناعة خالصة للثنائي، مورست في كل الاستحقاقات.

 

ويبقى السؤال متى سيحدد رئيس السن الرئيس نبيه بري جلسة التجديد، وهل يعمد الى تأخيرها إذا شعر، أنه سينال أصواته وأصوات حلفائه فقط، أو إذا شعر أن مقاطعة جدية سوف تحول الجلسة استفتاء على التغيير؟