بعد الانتهاء من صخب الانتخابات التي أخرجت كثيرين عن طورهم، يستعد النواب المنتخبون لمواجهة الاختبار الأول خلال ولايتهم، والمتمثّل في انتخاب رئيس المجلس الجديد ونائبه واعضاء هيئة المكتب، على وَقع مناورات سياسية مبكرة.
سيكون على رئيس السن الذي هو نبيه بري ان يدعو خلال 15 يوما من تاريخ 22 أيار الى عقد جلسة الانتخاب التي سيليها الاستحقاق الأدقّ وهو تكليف شخصية سنية تشكيل حكومة، يليه الامتحان الأصعب والمتعلق بتأليف الحكومة.
ويوضِح المطلعون انه سيتم في الوقت المناسب تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس المجلس والآخرين، لافتين الى انّ كثيرا من الكلام لا يزال يُلقى جِزافاً فوق السطوح، «والمطلوب ان تبرد الرؤوس الحامية حتى تسود الحكمة والمسؤولية في مقاربة هذه المحطة وكل الملفات».
ومع انّ بري هو المرشح الوحيد لرئاسة المجلس، واعادة انتخابه هي «تحصيل حاصل» بعد نجاح الثنائي حركة «امل» و«حزب الله» في الفوز بكل المقاعد الشيعية (27 مقعدا) وقطع الطريق أمام وجود أي مرشح آخر ولو من باب «الزينة» السياسية، إلاّ ان معارضي رئيس حركة «أمل» من النواب الجدد والقدامى يَسعون على ما يبدو الى «المشاغبة» عليه، حتى لا تكون عودته الى موقعه «نزهة ربيعية». ويعتبر هؤلاء انّ عدم تصويتهم لبري يندرج في إطار الانسجام مع أنفسهم وخياراتهم التي ربحوا بموجبها الانتخابات. لكن اللافت ان بعضهم ذهب بعيداً في موقفه، وصولاً الى اقتراح التصويت لنائب غير شيعي، على قاعدة انه ليس من الضروري ان يكون رئيس المجلس شيعياً.
«الجمهورية» سألت بري عن تعليقه على تلويح بعض النواب الجدد من «قوى التغيير» بإمكان ترشيح شخصية غير شيعية لرئاسة المجلس النيابي بدلاً عنه؟ فأجاب: «معنى ذلك هو المباشرة في تطبيق إلغاء الطائفية وهذا ما أنادي به منذ فترة طويلة، ولذلك لا يستفزّني الأمر». ويضيف: «على كلٍ، المجلس النيابي سيد نفسه، وفي النهاية علينا جميعاً احترام ارادة الهيئة العامة التي ستتولى انتخاب رئيس المجلس».
ولدى سؤاله اذا كان يخشى من ان يتم انتخابه لولاية جديدة بميثاقية مسيحية متواضعة؟ يجيب بري: «نحن متواضعون أيضاً (يضحك)».
وحين يُسأَل: ألا يزعجك ان تمتنع كتل مسيحية اساسية عن التصويت لك؟ يكتفي بري بالقول وهو يبتسم: «لا حول ولا قوة إلّا بالله».
ورداً على سؤال عن مرشحه لمركز نائب رئيس المجلس خلفاً لإيلي الفرزلي؟ يؤكد بري ان الخيار يعود إلى الهيئة العامة «ومن يختاره النواب سأرحّب به وأتعاون معه».
وضمن سياق متصل، تشدّد أوساط سياسية قريبة من «الثنائي» على ان «بعض المتحمسين مُطالَبون بأن يلتفتوا الى انهم أصبحوا نواباً ولم يعودوا محتجين في الساحات، وبالتالي عليهم ان يقاربوا الأمور باتزان وتوازن بعيداً من البهلوانيات السياسية والدستورية».
وتعتبر الاوساط ان من «يدعو الى انتخاب رئيس المجلس خارج القيد الطائفي هو كمن يلعب كرة القدم ثم يقرر فجأة في الشوط الثاني من المباراة ان يتحول إلى كرة السلة»، مؤكدة انّ تغيير قواعد اللعبة لا يجري بهذه الطريقة، «إذ المطلوب أولاً إجراء انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي ثم يتم بعد ذلك اختيار رئيس المجلس وكذلك رئيسي الجمهورية والحكومة على هذا الأساس».
وتعليقاً على تلميح بعض رافضي انتخاب بري الى احتمال اختيار النائب عناية عز الدين لرئاسة المجلس، تشير الاوساط الى انه وبمعزل عن «الخِفة» الكامنة في هذا الطرح «الصبياني»، فإنّ عز الدين ليست مرشحة، «واذا كانوا مقتنعين بها إلى هذه الدرجة، هي التي تستحق كل الدعم، فلماذا لم يمنحوها أصواتهم في دائرة صور؟».