أزعم، أنني أول من كتب “الإستيذ” بهذه الطريقة، أي بكسرة على كعب الألف مهموزة التحت وبياء بديلة من الألف الساكنة، وذلك من دون حاجة إلى ذكر اسم رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، وذلك قبل أكثر من ثلاثة عقود، إذ لا “أستاذ” سواه، ليس في قاعات المحاكم وجولات المرافعة، بل في مجلسٍ خرّج، واستقبل مشرّعين و”مشرعبين”، مجتهدين وكسالى، خطباء ونجباء وثقلاء وزعماء، تلامذة روضة وابتدائي وثانوي، فرسان منابر ونابشي مقابر، وعشّاق وجاهة وخدمة ونمر مميزة.
وأزعم، بل أؤكد أنني أوّل من كتب عبارة “الرئيس المُكاوِم” مستبدلاً القاف بالكاف، وللتاريخ فإن الرئيس إميل لحّود أكثر من احتضن “المكاومة” وسطّر ملاحم ولا يزال. أما حقوق “العيماد” عون فمحفوظة للمؤلف.
أعود إلى “الإستيذ”، مربي الأجيال الصاعدة في قاطرات البرلمان. من دون مسطرة يسطّر، ومن دون عصا يقود الأوركسترا البرلمانية الفيلهارمونية، وضربة مطرقتو بترن وبتخلي التمثال يحن… حبيبي حبيبي. أينك يا الياس بك الفرزلي تضيف من بلاغتك رشة مديح.
كم مرة سمعنا كبير الأساتذة في الجلسات العلنية، يؤنّب هذا على تخطيه أصول المخاطبة بين الزملاء و”يدكّر” (يذكّر) ذاك بالنظام. يعطي الكلام، يوزّع السلام، يضبط المقام. يعبس. يغضب. يضرب مثلاً. يراقب. يسمع يبتسم. ينكّت. يصحح. يضحك. يصدّق. وهو في كل ذلك يدير الجلسات بمهارة وحزم وأبوّة.
أقعد يا ابني. انا ما اسمحتلكش تحكي. عيب يا حاج. اسكت يا علي. إسّا جايي تعلمني. إنتو ورا. Taisez vous وين رايح ما خلصناش.
يحتاج طلّاب سنة أولى برلمان، إلى بعض الوقت للتأقلم مع “الإستيذ” الذي شبّ وشاب على أسلوب خاص به في التعليم والإدارة العامة. المعيدون من الممانعين والسياديين والوسطيين اعتادوا على المنهاج الوسيط بين اليقظة والغطيط مع تعديلاته ولاحقاً سيعتاد الثوريّون المنتفضون على جو المدرسة العام.
وبعض الطلّاب الجدد، وجدوا في “الإستيذ” مزايا لم يكتشفها من رافقوه على مرّ العقود. “الإستيذ” ليس استاذاً بل مدرسة. وعنه قالت نائبة الشوف نجاة صليبا عون “ما حدا يتفلسف ويقول الرئيس بري ما عندو خبرة طويلة. أكيد هو بحد ذاتو مدرسة انشالله أقدر إستفيد منّو”.
وبما أن كل المدارس الخاصة باشرت بسلخ أولياء الطلبة، أفكر جدياً بإرسال ابنتي إلى مدرسة “الإستيذ” المجانية، وانشالله تستفيد بشي!